ما بدا في البداية محاولة انتحار من جانب المدعية العسكرية العامة الإسرائيلية السابقة، اللواء يفعات تومر يروشالمي، على شاطئ تل أبيب، انتهى بعودتها في قبضة السلطات، لكنه فتح الباب أمام تحقيق معقد يتصل بتسريب مقطع فيديو فاضح لتعذيب أسير فلسطيني، وباحتمال ضلوع ضباط كبار في عرقلة سير العدالة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
وعثرت السلطات الإسرائيلية مساء أمس الأحد على المدعية العسكرية العامة، يفعات تومر يروشالمي، في أعقاب اختفائها عن الأنظار منذ صباح اليوم.
يأتي ذلك على خلفية استقالة يروشالمي من منصبها قبل يومين، إثر الحديث عن تورطها في تسريب فيديو يوثق اعتداء جنود إسرائيليين جنسيًا وجسديًا على أسير فلسطيني في معتقل "سديه تيمان" سيء السمعة خلال الحرب على قطاع غزة.
أدلة مهمة
وكان لاختفاء الهاتف المحمول الخاص بـ"يروشالمي" السبب في ازدياد الغموض حول القضية، إذ تشير تقديرات في أجهزة إنفاذ القانون الإسرائيلية إلى أن الهاتف قد يحتوي على أدلة مهمة تتعلق بتسريب مقطع مصور لجنود احتياط، يزعم أنهم اعتدوا على معتقل في حقل يمني، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
وتقول المصادر الإسرائيلية للصحيفة، إن عملية تسريب الفيديو جرت عبر مجموعة واتساب خاصة تضم عددًا من كبار ضباط النيابة العسكرية، بإشراف تومر يروشالمي نفسها، ويشتبه في أن بعضهم شارك في التلاعب بالتحقيق وتقديم إفادات كاذبة إلى محكمة العدل العليا.
البحث عن هاتفها
ومنذ ساعات الصباح الأولى، شارك عشرات الجنود في عمليات تمشيط باستخدام أجهزة كشف المعادن على شاطئ الجرف، في محاولة لتحديد مكان الهاتف. وبعد الظهر، تم العثور على جهاز بالقرب من كوخ إنقاذ، وأبلغت الشرطة على الفور، لكن لم يُعرف بعد ما إذا كان الهاتف يعود بالفعل لتومر يروشالمي.
ووفقًا للقانون الإسرائيلي، لا يمكن تفتيش أي هاتف محمول إلا بموافقة قضائية مسبقة، حتى في حال وافق صاحبه طوعًا على تسليمه. وتسمح المحكمة بالوصول فقط إلى المحادثات ذات الصلة بالتحقيق، مثل رسائل واتساب بين المدعي العام العسكري والمتحدث الرسمي في التواريخ المحددة.
ويمكن للمحققين استخدام مصطلحات بحث محددة مثل "فيديو ميداني في اليمن" أو "رد على محكمة العدل العليا"، لاستخراج البيانات ذات الصلة فقط. وكلما طال أمد اختفاء الهاتف، زادت صعوبة تحديد هوية الضالعين في القضية، خاصة أولئك الذين لم تُذكر أسماؤهم في المراسلات.
ووفق الصحيفة العبرية، في حال تعذر استرجاع الهاتف، يمكن للشرطة التقدم بطلب قضائي للحصول على كلمات مرور التطبيقات أو بيانات النسخ السحابي من شركات الاتصالات، وهي وسيلة محدودة النجاح لكنها تظل ممكنة قانونيًا. وإذا ثبت أن تومر يروشالمي تعمدت إخفاء الهاتف، فسيعتبر ذلك دليلًا على محاولة لعرقلة التحقيق معها.