كشف صندوق النقد الدولي عن توقعات نمو قاتمة للاقتصاد العالمي، في ظل الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولا تزال تلقي بظلالها على الأوضاع العالمية، محذرة من أن تأثيرها الكامل لم يظهر بعد، على الرغم من ظهور مرونة غير متوقعة.
وأحدثت ترامب في يوم التحرير في أبريل الماضي زلزلًا عالميًا، اهتزت معه الأسواق التجارية حول العالم، عقب فرضه رسومًا على عشرات الدول، كان تأثيرها مخيفًا وتسبب في قيام الشركات بتسريع الاستهلاك والبيع، إلا أن التأثير النهائي كان أقل تطرفًا مما كان يعتقد في البداية.
مرونة وتقلبات
وفي تقريره السنوي، بحسب "ذا جارديان" البريطانية، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي هذا العام إلى 3.2%، من 3% في آخر تحديث له في يوليو الماضي، بينما ظلت التوقعات العالمية للعام المقبل دون تغيير عند 3.1%.
ولكن الأسواق في مقابل ذلك أظهرت مرونة نتجت عن التشوهات المرتبطة بالتجارة في بعض البيانات الواردة حول العالم صاحبها توقعات نمو متقلبة، إلا أن التقرير حذّر من أن تلك المرونة كانت بسبب التقلبات في السياسات التجارية، حيث لا تزال الاحتمالات تشير إلى توقعات قاتمة سواء على المدى القصير أو الطويل.
سلسلة مخاوف
وسلّط التقرير الضوء على سياسات الهجرة التي تم تقييدها في عدد من البلدان حول العالم كسبب للقلق بشأن النمو الاقتصادي المستقبلي، بجانب سلسلة من المخاوف الأخرى من أبرزها التقييمات المبالغ فيها في أسواق الأسهم، والحقيقة الكامنة بأن التأثيرات الكاملة للرسوم الجمركية بدأت في الظهور الآن.
وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، أكد الصندوق الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي قد ينخفض بنسبة 0.3% إلى 0.7% نتيجة لذلك، وقد يرتفع التضخم في الصناعات الأكثر تضررًا، حيث يشكّل المهاجرون نسبة كبيرة من القوى العاملة، مثل البناء والضيافة والخدمات الشخصية والعمل الزراعي.
المكاسب المحتملة
وحذّر تقرير آفاق الاقتصاد العالمي أيضًا من مخاطر التصحيح في أسعار الأسهم والاستثمار الهابط، إذا أعادت الأسواق تقييم المكاسب المحتملة من الذكاء الاصطناعي التوليدي، مشيرين إلى أن الانخفاض قد يكون حادًا نظرًا لأن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي كان مساهمًا كبيرًا في نمو الاستثمار أخيرًا.
وعلى مدار العام بأكمله، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تصبح المملكة المتحدة ثاني أسرع اقتصاد نموًا في مجموعة السبع، بعد الولايات المتحدة، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2%، لكنهم في الوقت ذاته رجّحوا أن يرتفع التضخم إلى أعلى مستوى في عامي 2025 و2026.
ويتوقع أن يبلغ متوسط التضخم في المملكة المتحدة 3.4% في عام نهاية 2025، بزيادة عن توقعاته السابقة البالغة 3.2%، من المتوقع أيضًا أن يتباطأ التضخم في المملكة قليلًا إلى 2.5% العام المقبل، وهو ما يتجاوز توقعات صندوق النقد البالغة 2.3% التي أصدرها في وقت سابق من هذا العام.
عدم اليقين
وأشار الصندوق إلى التأثير الاقتصادي البطيء لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كدليل على أن حالة عدم اليقين التي أطلقتها التحولات السياسية مثل الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، ربما تستغرق بعض الوقت قبل أن تنعكس على قرارات الاستثمار.
وأكدوا أن الاستثمار التجاري استمر في النمو في الفترة التي أعقبت انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي مباشرة، وبدأ في الانخفاض بشكل مطرد بداية من عام 2018 فقط، محذرين بنك إنجلتزا بضرورة الحذر الشديد في مساره التيسيري، ولا يتسرع صناع السياسات في خفض أسعار الفائدة.
النمو في مصر
وتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع النمو في مصر بالفعل إلى 4.3% في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2025 و4.5% في عام 2026 بسبب التعافي في السياحة وتعزيز قطاع التصنيع غير النفطي، حيث عوّضت هذه القطاعات الانخفاض في عائدات قناة السويس التي تضررت بسبب الصراع في مصر.
وفي سياق إعادة إعمار غزة، أكد نائب كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي اليوم، أن اتفاق السلام بين إسرائيل وحماس الذي أوقف عامين من الدمار في قطاع غزة يمثل فرصة لتحقيق انتعاش اقتصادي دائم في منطقة الشرق الأوسط، معربًا عن استعداد الصندوق للتعاون مع المجتمع الدولي بشأن إنعاش غزة والاقتصادات الإقليمية التي تأثرت بشدة بالصراع.