الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

6 تحديات أمام "العناني" من أجل تاريخ جديد لـ"اليونسكو"

  • مشاركة :
post-title
الدكتور خالد العناني مدير منظمة اليونسكو

القاهرة الإخبارية - محمد حافظ

فاز الدكتور خالد العناني بمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" للفترة من عام 2025 إلى 2029، خلفًا لـ"أودري أزولاي" الفرنسية، وذلك بعد جولة انتخابية أجراها المجلس لانتخاب المدير العام الجديد للمنظمة، وفقًا لما ينص عليه دستورها وآليتها الخاصة فيما يتعلق باختيار مدير لها.

واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس السبت، "العناني"، في لقاء شهد التأكيد على أهمية مواصلة التعاون الوثيق بين مصر والمنظمة الدولية في المجالات التعليمية والتربوية والثقافية، وكذلك في جهود صون التراث الإنساني، بما يعكس التزام مصر بدعم أنشطة المنظمة ومبادراتها الإنسانية.

تنافس الدكتور خالد العناني، المرشح المصري والعربي، خلال الدورة الـ222 للمجلس التنفيذي لليونسكو في باريس، مع نظيره الكونغولي فيرمين إدوار ماتوكو، وأعلن المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، في السادس من أكتوبر الجاري، عن فوز المرشح المصري بـ(55) صوتًا من أصل (57) عضوًا في المجلس التنفيذي لليونسكو، وهو أعلى عدد من الأصوات يحصل عليه أي مرشح في انتخابات تنافسية على هذا المنصب منذ إنشاء المنظمة، ليصبح المرشح المصري المدير الـ11 لمنظمة اليونسكو، وأول مصري وعربي يتولى هذا المنصب على مدار تاريخها، منذ التوقيع على الميثاق التأسيسي للمنظمة عام 1945 حتى الوقت الحالي.

ونال هذا الحدث أهمية كبيرة على مستوى العالم بقاراته السبع، مما يطرح عددًا من التساؤلات حول الفلسفة التي تقوم عليها منظمة اليونسكو، وأهمية الدور الذي تقوم به ومدى فاعليته، وأهم التحديات التي تواجه عمل المنظمة في الوقت الراهن وفي المستقبل القريب، وهو ما يتناوله هذا التقرير.

فلسفة عمل اليونسكو

تقوم فلسفة عمل منظمة اليونسكو على حزمة من الركائز، تتبلور في تعزيز السلام والأمن الدوليين عبر التعاون في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال والمعلومات، وذلك من خلال وضع المعايير والأدوات وتطوير المعرفة بقصد تحقيق حماية التراث العالمي، وتعزيز التفاهم بين البشر لبناء مجتمعات أكثر عدلًا واستدامة، وتطوير المعارف؛ بغية إيجاد حلول لبعض أكبر التحديات في عصرنا، والعمل على توفير الدعم لعالم يسوده قدر أكبر من المساواة والسلام.

الدور والفاعلية

وتعمل "اليونسكو" مع الدول الأعضاء فيها، التي يبلغ عددها نحو (194) دولة، على جملة من الأمور في مختلف أنحاء العالم، مثل حماية التنوع البيولوجي، والتعامل مع الذكاء الاصطناعي، والنهوض بالتعليم الجيد، وصون التراث، وضمان الوصول إلى المعلومات الموثوق بها.

كما تسعى منظمة اليونسكو إلى تحقيق أهداف محددة، انطلاقًا من التركيز على جملة من التخصصات المتنوعة، وهي: إحداث تغيير في حياة البشر من خلال التعليم، وتعزيز العلوم من أجل تحقيق الاستدامة، وبناء مجتمعات تتسم بقدر أكبر من الإنصاف والشمول، وحماية التراث وتشجيع الإبداع.

تحديات تواجه المنظمة

تواجه منظمة اليونسكو في الوقت الراهن عددًا من التحديات والقضايا التي تمثل أولوية لبرنامج عمل المنظمة خلال الفترة المقبلة، وذلك بسبب انعكاس آثارها على حفظ السلام بين سكان العالم، ومن الممكن أن تحد من فاعليتها وتعوق أداءها، وتتبلور فيما يلي:

التحدي الأول: الصراعات المسلحة

تشكل الحروب والنزاعات المسلحة قضية شائكة على مائدة منظمة اليونسكو في المرحلة الآنية والمستقبلية، حيث يسود العالم عدد من الحروب المسلحة بين الدول بعضها البعض، فكل هذه الحروب لها ارتدادات على قطاعات الدولة، ومن بينها التعليم. وينعدم في هذه البيئات احترام الحرية وحقوق الإنسان، ويصبح تراث وآثار تلك الدول رهن التهديد والضياع، مما يشكل تحديًا هامًا بالنسبة للمنظمة للاضطلاع بدورها في تلك البيئة.

إلى جانب ضغوط ما يُعرف بـ"السياحة المفرطة" -أي الزيادة الكبيرة في أعداد الزوار إلى المواقع السياحية والتراثية بما يفوق قدرتها على التحمل ويحرمها من الحماية الكافية- تواجه العديد من المواقع المدرجة على قائمة التراث العالمي مخاطر متزايدة. وتشير التقارير إلى أن نصف هذه المواقع البالغ عددها (56) والمصنفة كمواقع مهددة أصبحت عرضة للخطر نتيجة "العواقب المباشرة للنزاعات"، حيث تقع 40% منها في منطقة الشرق الأوسط.

التحدي الثاني: الافتقاد لثقافة الالتزام

يمثل عدم التزام السكان بالقوانين والقرارات التنظيمية التي تضعها الحكومات، فيما يخص الحد من التلوث والصيد الجائر، والتوسع الحضري غير المنظم، والتنمية السياحية غير المنضبطة، تحديات رئيسية لعمل منظمة اليونسكو.

التحدي الثالث: التهديدات المناخية

باتت التغيرات المناخية التي يشهدها العالم في العقد المنصرم تحديًا رئيسيًا يواجه عمل المنظمة، وذلك بسبب انعكاساتها على الاقتصاد والطاقة والغذاء ومواقع التراث العالمي، حيث يواجه نحو ثلاثة أرباع مواقع التراث العالمي مخاطر مائية جسيمة، كنقص المياه أو الفيضانات.

التحدي الرابع: الطموح المالي

تمثل قضية التمويل التحدي الأكبر لبرنامج عمل منظمة اليونسكو، خلال الفترة الحالية وفي المستقبل، وهو شرط رئيسي لتنفيذ طموحات المنظمة في ظل تزايد الطلب العالمي على الخدمات المتنوعة التي تقدمها اليونسكو لدول العالم. فتراجع التمويل والاعتماد على مساهمات متقلبة يصعب معه تنفيذ الخطط التي تضعها المنظمة.

التحدي الخامس: تصاعد الانتهاكات

كنتيجة طبيعية للصراعات التي تشهدها الدول على المستويين الوطني والإقليمي، تتصاعد الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال أثناء النزاعات، وتأثيرها المباشر على المدارس، وكذلك قضايا حقوق الإنسان وحرية التعبير وسلامة الصحفيين.

التحدي السادس: التضليل الإعلامي والذكاء الاصطناعي

يشهد العالم اليوم فائضًا كبيرًا في المحتوى الإعلامي والاتصالي؛ ما أدى إلى انتشار واسع للتضليل الإعلامي والمحتوى الضار عبر المنصات الرقمية، إلى جانب غياب الالتزام الأخلاقي لدى بعض العاملين في مجالات الذكاء الاصطناعي. وتواجه منظمة اليونسكو هذه التحديات المعقدة في سعيها لإعادة التوازن بين الابتكار وحقوق الإنسان، وبين الطموح ومعضلة التمويل، وبين متغيرات الطبيعة وصراعات الإنسان، ضمن جهودها لضمان استدامة عملها وتحقيق أهدافها العالمية.