الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

عامان من الإبادة في غزة.. تصريحات موثقة تثبت الجرائم الإسرائيلية

  • مشاركة :
post-title
طفل يبكي على شهداء سقطوا في العدوان الإسرائيلي على غزة

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشف تقرير للهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني عن نمط ممنهج من التصريحات الرسمية الإسرائيلية التي تبنت خطاب الإبادة الجماعية علنًا منذ أكتوبر 2023، إذ حوّل القادة والوزراء الإسرائيليون الخطاب السياسي إلى أداة تحريض مباشر، ممزوجة بمرجعيات دينية توراتية وخطاب ينزع الإنسانية عن الفلسطينيين؛ مما شكل تمهيدًا وتبريرًا للجرائم المرتكبة على الأرض في قطاع غزة.

خطاب ديني وإقصائي

وثّق التقرير استخدام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لرمزية "العماليق" التوراتية المذكورة في سفر الخروج وسفر صموئيل الأول، إذ عقد مقارنة مباشرة بين أعداء إسرائيل التاريخيين وسكان غزة المعاصرين.

في خطابه المتلفز بأكتوبر 2023، قال نتنياهو: "يجب أن تتذكروا ما فعله العماليق بكم.. نحن ملزمون، نحن نتذكر، ونحن نقاتل"، مستشهدًا بنصوص تفيد محو ذكر العماليق، بما يرسم إطارًا خطابيًا يقدم الفلسطينيين كـ"كيان ملعون" أو "شر مطلق".

كما دعا سكان غزة صراحة قائلًا: "غادروا الآن، لأننا سنعمل بقوة في كل مكان".

أما وزير الدفاع يوآف جالانت، آنذاك، فلم يكتفِ بالتصريحات العامة بل أصدر توجيهات مباشرة للقوات، إذ قال في خطابه أمام الجنود بأكتوبر 2023: "أطلقت العنان وحررت كل القيود من أجل القضاء على كل شيء في غزة.. من الأرض بالدبابات، بالجرافات، بكل الوسائل. لن تعود غزة إلى ما كانت عليه. اقضوا عليهم، أزلت كامل القيود، هاجموا كل شيء من الجو والبر.. لا تسويات سنقضي على الجميع".

وأضاف في 9 أكتوبر 2023: "نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف وفقًا لذلك"، في لغة تجريد صريحة من الإنسانية.

دعوات للإبادة والتهجير

برز وزير المالية بتسلئيل سموتريتش كصوت سياسي يميني متطرف داعم لإجراءات إقصائية وعنيفة، إذ صرح في 2 يناير 2024: "سأقولها بوضوح.. التخلص من كامل سكان قطاع غزة"، مضيفًا: "نحن نفكك غزة بالكامل منذ سنة ونصف، وسنتركها ركامًا، الجيش لن يبقِ فيها حجرًا على حجر".

كما قال سموتريتش: "لا يوجد شعب فلسطيني، وإن فتح أبواب جهنم ليس شعارًا بل إنه سيحدث"، و"سنُدمر كل بيت في قطاع غزة، فكل بيت هو نفق، ولن نسمح بوجود بنية تحتية أو مدنية في هذا المكان".

من جهته، دعا وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، المعروف بخطابه المتشدد والمنادي باستخدام القوة المفرطة، إلى "امتلاك إمكانية قطع رؤوسهم"، وكتب عبر منصة إكس: "لا بد من القضاء على العدو النازي بنفس شدة الغضب التي استخدمتها قوات التحالف في الحرب العالمية الثانية".

فيما أعلنت وزيرة شؤون المرأة ماي جولان في 21 فبراير 2024 أمام الكنيست: "إنّي فخورة بدمار غزة.. كل طفل بعد 80 عامًا ستتفاخر أحفاده بما فعل اليهود بهم عندما نقتل أقاربهم".

استهداف الأطفال

رصد التقرير تصريحات خطيرة لأعضاء الكنيست، إذ قال زعيم حزب زيهوت موشيه فيجلن: "كل طفل في غزة هو عدو.. علينا احتلال غزة حتى لا يبقى فيها طفل واحد، لا يوجد نصر آخر"، في خطاب يدعو إلى استئصال الأجيال القادمة.

بينما صرح عضو الكنيست من الليكود موشيه سعدة بعبارات تحض على إبادة كاملة، قائلًا: "عليك أن تبيدهم.. حتى أصدقائي الذين تشاجروا معي في المسائل السياسية أخبروني: موشيه، من الواضح أنه يجب إبادة كل سكان غزة".

أما نائب رئيس الكنيست نسيم فتوري، فقال وفق ما نقلته قناة 13 العبرية: "الحل الوحيد هو إحراق كل غزة بأهلها مرة واحدة، وهدفنا المشترك هو محو قطاع غزة من على وجه الأرض"، و"احرقوا غزة فورًا"، في خطاب يرفض أي حلول إنسانية أو سياسية تراعي حقوق المدنيين.

التجويع كسلاح حرب

كشف تقرير الهيئة الدولية أن سُلطات الاحتلال لجأت منذ الأيام الأولى لحرب الإبادة عام 2023 إلى فرض حصار شامل، وجعلت من سياسة التجويع أداة مركزية ضمن استراتيجيتها العسكرية والسياسية. ولم يقتصر الأمر على قطع الكهرباء والماء والوقود وإغلاق المعابر، بل رافقته تصريحات صريحة من الوزراء.

قال جالانت في 9 أكتوبر 2023: "قد أمرت بفرض حصار كامل على غزة، لن يكون هناك كهرباء ولا طعام"، بينما صرح بن جفير في 17 أكتوبر 2023: "الشيء الوحيد الذي يجب أن يدخل غزة هو مئات الأطنان من متفجرات سلاح الجو ولا ذرة واحدة من المساعدات الإنسانية".

وكتب عبر منصة إكس: "سيدي رئيس الحكومة، في حال عدت إلى الحرب وأوقفت المساعدات الإنسانية والوقود والكهرباء، لن يدخل إلى غزة شيء حتى يعود آخر مختطف. حان وقت فتح أبواب جهنم".

كما اعتبر بن جفير إدخال المساعدات "وصمة عار" و"غباوة وسخافة"، قائلًا: "لن نسمح بدخول جرام واحد من المساعدات إلى قطاع غزة حتى يركع أهلها يتوسلون.. غزة يجب أن تسوى بالأرض، لا يوجد شيء اسمه أبرياء".

فيما وقّع وزير الطاقة يسرائيل كاتس في 12 أكتوبر 2023 على أمر يفرض على شركة الكهرباء قطع الكهرباء عن غزة، قائلًا: "لن يُشغّل مفتاح كهربائي، ولن تعود شاحنة وقود حتى يعود الرهائن.. لن نزودهم بجرام واحد من المياه أو الكهرباء لمن يرفض المغادرة".

الحرب الرقمية

وثّق التقرير ارتفاعًا مقلقًا في خطاب الكراهية والتحريض الرقمي، إذ شهد عام 2024 وحده تسجيل 12,482,041 منشورًا تحريضيًا باللغة العبرية على منصتي "فيسبوك" و"إكس"، أي بمعدل 23.6 منشورًا في الدقيقة، جميعها مصنّفة كمحتوى يحرض على العنف أو الإبادة الجماعية.

أظهرت التحقيقات أن أنظمة الإعلانات التابعة لـ"ميتا" وافقت بشكل متكرر على إعلانات عنيفة ومحرضة، ما يكشف عن شبهة تواطؤ في تسهيل نشر التحريض.

كما وثّق التقرير أكثر من 8,484 منشورًا موجهًا ضد المقدسيين الفلسطينيين بشكل خاص، معظمها على منصة "إكس"، في إطار استهداف منظم لهذه الفئة.

ورصد 9,289 منشورًا يعبر فيها مستخدمون إسرائيليون علنًا عن فرحتهم بمقتل فلسطينيين جراء القصف، وهو ما يعكس خطورة تطبيع الفرح الجماعي بالقتل عبر الفضاء الرقمي.

في 12 مارس 2025، أصدر المركز تقريره السنوي بعنوان "مؤشر الرؤية والتحريض 2024"، الذي كشف أن 79% من المحتوى التحريضي كان على منصة "إكس"، بينما شكّل "فيسبوك" 21%.

والأخطر أن شركة "ميتا" أعلنت مؤخرًا أنها ستقصر الرقابة على المحتوى "شديد الخطورة فقط"، وهو ما يعني عمليًا استمرار انتشار التحريض باللغة العبرية دون رقابة كافية، وبالتالي توفير غطاء دعائي للإبادة.