الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أوكرانيا تستعد للنجاة من برد الشتاء بـ"بطاريات أمريكية عملاقة"

  • مشاركة :
post-title
حديقة البطاريات في مكان سري في أوكرانيا

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تستعد أوكرانيا لمواجهة السلاح الروسي غير التقليدي الذي يُستخدم للعام الرابع وفي الوقت نفسه من العام، فالشتاء الذي بات سلاحًا في يد موسكو، تستعد له كييف هذا العام عن طريق شبكة من البطاريات الأمريكية العملاقة مخبأة في مواقع سرية للغاية، في محاولة لكسر استراتيجية موسكو الرامية لإغراق البلاد في الظلام والبرد، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال الأمريكية.

استثمار ضخم لحماية الطاقة

تصطف الشبكة الأمريكية في صفوف من كتل البطاريات البيضاء بارتفاع 8 أقدام، في أحد المواقع السرية الخارجية، تصدر طنينًا مستمرًا عالي النبرة، يصفه فاديم أوتكين، المستشار في تخزين الطاقة لدى شركة "DTEK" أكبر مورد للطاقة الخاصة في أوكرانيا، بأنه "أفضل صوت في العالم" لأنه يعني أن البطاريات تعمل بكفاءة.

وكشفت "وول ستريت جورنال" أن الشركة أنجزت في أغسطس الماضي مشروعًا بقيمة 140 مليون دولار، ممولًا من "DTEK" وقروض من اتحاد مصارف أوكرانية، يتضمن ستة مواقع للبطاريات موزعة بين العاصمة كييف ومنطقة دنيبروبتروفسك.

وتبلغ السعة الإجمالية لهذه المحطات 200 ميجاوات، قادرة على توفير الطاقة لنحو 600 ألف منزل لمدة ساعتين، ما يعادل تشغيل مدينة بحجم واشنطن العاصمة.

آلية العمل وقت القصف

ترتبط هذه المواقع الستة مباشرة بشبكة الكهرباء الوطنية، وتعمل كمصدر بديل فوري عندما يتعطل مصدر آخر كمحطة الطاقة الحرارية بسبب القصف.

والأهم من ذلك أن هذه البطاريات تمنح المهندسين وقتًا حيويًا لاستعادة الخدمة ومنع الانقطاع الكامل للتيار الكهربائي، ما يساعد على تجنب انقطاعات التيار المتقطعة التي عانى منها الأوكرانيون لسنوات.

ولتجنب استهدافها، يتكتم الأوكرانيون على المواقع الدقيقة للبطاريات وتفاصيل إجراءات حمايتها، التي تشمل منظومات دفاع جوي موضوعة بشكل استراتيجي حولها.

محطة طاقة أوكرانية
خسائر فادحة في البنية التحتية

تعرضت أوكرانيا منذ اندلاع الحرب لضربات موجعة في قطاع الطاقة، وتوضح أولها بوسلافيتس، وزيرة الطاقة السابقة للصحيفة الأمريكية، أن البلاد "فقدت أكثر من نصف طاقتها الإنتاجية بسبب التدمير بالصواريخ والطائرات المسيّرة من طراز شاهد وغيرها".

وتعرضت جميع محطات الطاقة الحرارية الأوكرانية للهجمات، وبعضها عاد للعمل بينما أصبح بعضها الآخر خارج نطاق الإصلاح تمامًا.

قبل اندلاع الحرب، كانت المحطات النووية توفر الجزء الأكبر من احتياجات أوكرانيا الكهربائية، إلا أنه بعد الحرب، سيطرت القوات الروسية على أكبر محطة نووية في البلاد بمدينة زاباروجيا، ما أدى لتوقفها عن إمداد الشبكة الوطنية بالكهرباء، ما يعني أن حصة الطاقة النووية تراجعت إلى النصف تقريبًا من إجمالي الطاقة المولدة، بعد أن كانت تسيطر على القسم الأعظم من الإنتاج.

تقنية مرنة ومقاومة للتدمير

بحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، يكمن سر جاذبية البطاريات لأوكرانيا في طبيعتها المعيارية المرنة، إذ يمكن إيقاف كل كتلة واستبدالها دون التأثير على الخلايا الأخرى.

ويشرح فاديم أوتكين، المستشار في تخزين الطاقة، أنه لو أصيبت إحدى تلك البطاريات "سأبكي وألعن فقط، لكن بصراحة، استبدال مكعب واحد ليس بالأمر الصعب"، فلا يتطلب استبدال كل خلية سوى الحد الأدنى من المعدات.

ويشير جوليان نيبريدا، الرئيس التنفيذي لشركة "فلوينس" الأمريكية التي وفرت البطاريات، إلى أن كل خلية مزودة بميزات السلامة من الحرائق التي "تصبح أكثر أهمية في سياق أوكرانيا".

ورغم القصف الروسي المستمر للشبكة الكهربائية والمخاطر التي تواجه البطاريات نفسها، يؤكد نيبريدا أن شركته لم تتردد في المشاركة بالمشروع، موضحًا أن "الجميع فهموا أهمية إنجاز هذا العمل".

تجربة سابقة ودروس مستفادة

ليست هذه الشبكة هي الأولى من نوعها في أوكرانيا، إلا أنها الأضخم، ففي عام 2021، أشرف "أوتكين" على بناء محطة بطاريات أخرى في إينيرهودار، وهي مدينة في منطقة زاباروجيا والتي سيطرت عليها روسيا في عام 2022.

وقبل ساعات قليلة من دخول القوات الروسية المنطقة، مسح أوتكين البرمجيات من البطاريات، محولاً إياها إلى "طوب باهظ الثمن" أصبح الآن عديم الفائدة تمامًا.

التنويع كاستراتيجية دفاعية

تشير "وول ستريت جورنال" إلى أن بناء مصادر بديلة للطاقة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، بات مسألة دفاعية بالنسبة لأوكرانيا، إذ إن الطاقات المتجددة لن تحل محل الطاقة النووية أو الفحم بالكامل، لكن وجودها يضيف تنوعًا لمزيج الطاقة، كما أنها تعمل بشكل مستقل، وهو ما يعد ميزة في منطقة حرب، فإذا أصيبت توربينة رياح واحدة يمكن للباقي مواصلة العمل، مقارنة بمحطة الطاقة الحرارية التي تتوقف تمامًا إذا أصيبت.

وحاليًا تلعب البطاريات دورًا محوريًا في تنظيم الطاقة المتجددة أيضًا، حيث تساعد في تنظيم الطاقة المولدة من مختلف المصادر لضمان تدفق الكهرباء حتى عندما لا تشرق الشمس أو عندما تتوقف التوربينات.

يقول أوتكين: "هناك دائمًا تقلبات، دائمًا فوضى في النظام، وشخص ما يحتاج لتنظيف هذه الفوضى، وهذه الآلات تنظف هذه الفوضى بفعالية كبيرة جدًاً".