عبد الله غيث.. أيقونة مصرية في الشكل والحضور والأداء، حفر اسمه بحروف من ذهب ليكون واحدًا من النجوم المصريين المؤثرين لسنوات طويلة بالعديد من الأعمال المهمة، وعرف الشهرة والنجومية من أوسع أبوابها.
حياة ثرية
رفض الفنان عبد الله غيث الذي ولد في مثل هذا اليوم عام 1930 التفرغ لإدارة أملاك والده، فرغم الحياة الثرية التي عاشها، إلا أن حبه للفن جعله هائمًا وراءه، ودفعه للالتحاق بمعهد الفنون المسرحية عقب انتهائه من الدراسة الثانوية بعد 10 سنوات، وساهم شقيقه الأكبر حمدي غيث في أن يساعده على دخول المجال الذي يعشقه.
فصاحة لسان
لم يكن غيث نجمًا يمتلك طلة مختلفة لكن لديه فصاحة اللسان وعبقرية في الكلمة تبهر من حوله، لدرجة أن يوسف وهبي رشحه ليكون خليفته على خشبة المسرح، ليصبح فنانًا استثنائيًا تربّع على عرش المسرح لمدة 50 عامًا.
أدهم الشرقاوي
"أدهم الشرقاوي، حمزة أسد الإسلام، علي بيه الكبير، علوان البكري" وغيرها من الشخصيات التي قدمها عبد الله غيث في مشوار حياته، ساهمت في أن يضع بصمته الخاصة على كل شخصية قدّمها باختلاف لهجاتها وأدائها وحتى شكلها، فلا توجد شخصية مثل الأخرى، وعلّق الفنان الراحل على إتقانه العديد من اللكنات وتقديمه توليفة مختلفة من الشخصيات في لقاء سابق قائلًا: "أجد نفسي في الشخصية التي تعبر عن الفنان المصري بكل همومه وطموحاته وأحلامه، وإذا ما كانت هذه الشخصية معبّرة تمامًا وبعمق عن الإنسان المصري، سواء كان يرتدي جلبابًا أو بدلة أو غيرهما".
الشديد
كثير من الجمهور لا يعرف أن عبد الله غيث يحظى بلقب "الشديد" داخل الوسط الفني، ويحكي عن السبب وراءه ويقول: "كنت أقدم مشهدًا في التلفزيون وخرج مني باقتدار ليطلق الفنان صلاح قابيل عليّ لقب الشديد، ومن وقتها التصق بي هذا الاسم".
الرسالة
تمتع عبد الله غيث بكاريزما خاصة ميزته عن الكثيرين لدرجة أنه أبهر الفنان العالمي أنتوني كوين الذي جمعه به فيلم "الرسالة"، حيث كان يؤدي المشاهد مرة واحدة بدون إعادة، ولكن كانت الصعوبة الوحيدة أمامه هو عدم إتقانه اللغة الأجنبية باقتدار، وهي النقطة التي وقفت أمام انطلاقة نحو العالمية لدرجة أن أنتوني كوين قال عنه: "إذا وجد عبد الله غيث في أوروبا لأصبح في مكانة خاصة".
ابن بلد
كانت ملامح عبد الله غيث التي تعبر عن ابن البلد الجدع الذي يُشعر المُشاهد بأنه أحد أقاربه عاملًا مساعدًا في دخوله قلب الجمهور بلا استئذان، بعد أن خرج من قلب قرية من محافظة الشرقية، ولذلك نجد أن تقديمه الدور الصعيدي والفلاحي كان مؤثرًا فلا ينسى أحد دوره في مسلسل " ذئاب الجبل" بشخصية علوان البكري.
المسرح
كان للمسرح مكانة خاصة في قلب عبد الله غيث، فالانطلاقة الأولى كانت على خشبة المسرح القومي الذي شهد تقديم عشرات المسرحيات الكلاسيكية خاصة أنه يجيد الشعر المسرحي، وقدم شخصيات مؤثرة في عدد من المسرحيات مثل "الوزير العاشق"، و"الحسين ثائرًا"، و"فتح مكة" وغيرها.
دخول عبد الله غيث السينما بدأ من خلال فيلم "عاشت للحب" في نهاية الخمسينيات، ثم توالت الأعمال، ليقدّم عددًا من العلامات فيها مثل "الشيماء"، وساهم إتقانه اللغة العربية الفصحى في تقديم عدد من الأعمال التاريخية والدينية، مثل مسلسل "محمد رسول الله" و"وجاء الإسلام" و"تحت ظلال السيوف"، و"ليلة سقوط غرناطة"، وغيرها الكثير.
رحيل
أبى عبد الله غيث أن يترك الفن حتى آخر يوم في حياته، إذ وافته المنية في 13 مارس 1993، أثناء تصوير مسلسل "المال والبنون" وقبل أن يكمل دوره في هذا العمل الذي حقق نجاحًا كبيرًا بعدها، ليرحل ولكن تبقى أعماله الخالدة في نفوس عشاقه على مستوى الوطن العربي.