بعد خمسة أشهر من توليه مقاليد الحكم في ولايته الثانية، يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تحديات جدية في معدلات تأييده الشعبي، إذ تشهد أرقامه تراجعًا ملحوظًا عبر القضايا الرئيسية. وفقًا لصحيفة "ذا هيل" الأمريكية، بينما تفقد قضية الهجرة، التي كانت سلاحه الأقوى، بريقها التقليدي، يبدو أن التدخل العسكري الأخير في إيران قد منح الرئيس الأمريكي بصيص أمل لاستعادة شعبيته المتراجعة.
من القمة إلى القاع
بدأ ترامب ولايته الثانية بأعلى معدلات تأييد حققها على الإطلاق، لكنه سرعان ما دخل في منطقة سلبية خلال فصل الربيع وسط ردود فعل عنيفة على تحركاته المتقلبة في مجال التعريفات الجمركية.
وتشير بيانات "ديسيجن ديسك" للمعلومات إلى أن معدلات عدم الموافقة وصلت ذروتها في أبريل، قبل أن تبدأ في التعافي تدريجيًا في مايو وبداية يونيو، لتصل حاليًا إلى 45% موافقة مقابل 51% عدم موافقة.
وتؤكد استطلاعات "جالوب" هذا التراجع، إذ تضع ترامب عند 40% موافقة اعتبارًا من بداية يونيو، وهو رقم ليس بعيدًا عن الـ38% التي حققها في يونيو 2017 خلال ولايته الأولى، لكنه يتراجع بشكل كبير عن الـ56% التي حققها الرئيس السابق جو بايدن في هذا التوقيت من عامه الأول.
كما أظهرت استطلاعات "الإيكونوميست/يوجوف" المُجراة بين 27-30 يونيو معدل موافقة سلبيًا بـ11 نقطة، منخفضًا من سلبي 4 نقاط في نهاية مايو.
الاقتصاد
تُظهر أرقام الاقتصاد، التي كانت إحدى أقوى نقاط ترامب خلال 2024، علامات تحسن تدريجي بعد أن تضررت من تحركاته التجارية العدوانية في بداية العام.
وتشير بيانات المتخصص في استطلاعات الرأي نيت سيلفر إلى أن معدل موافقة ترامب الاقتصادية استقر بعد انخفاض كبير في مارس وأبريل، ليصل حاليًا إلى تقييم سلبي بـ12 نقطة.
وأظهرت استطلاعات "الإيكونوميست/يوجوف" أن ترامب حصل على معدل موافقة 43% في مجال الوظائف والاقتصاد، وهو ما يتماشى مع الـ42% المسجلة في نهاية الشهر الماضي، لكنه تراجع في ملف التضخم والأسعار من سلبي 15 نقطة إلى سلبي 24 نقطة.
وفي المقابل، تحسنت تقييمات الأمريكيين للاقتصاد بشكل طفيف في مؤشر الثقة الاقتصادية لـ"جالوب" في يونيو، صاعدًا من سلبي 22 نقطة في أبريل إلى سلبي 18 نقطة في مايو ثم سلبي 14 نقطة هذا الشهر.
وحقق ترامب انتصارًا تشريعيًا مهمًا هذا الأسبوع عندما أقر الكونجرس "مشروع قانونه الكبير والجميل"، وهو حزمة شاملة قد تضيف تريليونات الدولارات إلى العجز الفيدرالي، رغم أن الموافقة على مشروع القانون كانت سلبية في بعض الاستطلاعات.
الهجرة تفقد بريقها
تشهد قضية الهجرة، التي كانت السلاح الأقوى لترامب في حملتيه الرئاسيتين، تراجعًا ملحوظًا في التأييد الشعبي رغم بقائها إحدى نقاط قوته النسبية.
ويقول سكوت ترانتر، مدير علوم البيانات في "ديسيجن ديسك": "لقد فقد أرضًا.. بعض الاستطلاعات تُظهر أنه في منطقة سلبية، وبعضها الآخر متذبذب، يمكننا القول أن الإجماع هو ما إذا كان لا يزال يحظى بدعم إيجابي صافٍ حول الهجرة أم لا، لكن يمكننا القول أنه تراجع".
وتؤكد الأرقام هذا التراجع، إذ كشفت استطلاعات "الإيكونوميست/يوجوف" أن موافقة ترامب على الهجرة كانت إيجابية بـ7 نقاط في نهاية مايو، قبل أن تنقلب إلى سلبية بـ3 نقاط في نهاية يونيو.
كما أظهر استطلاع "بي بي إس نيوز" و"إن بي آر" و"ماريست" الصادر هذا الأسبوع معدل موافقة سلبيًا بـ9 نقاط لترامب في التعامل مع الهجرة.
وفي الأشهر الأولى من ولايته الثانية، قاد ترامب حملة ترحيل واسعة وعمل على إنهاء مبدأ حق المواطنة بالولادة كجزء من حملة قمع كبرى ضد الهجرة.
وبعد أن أثارت عمليات مداهمة أماكن العمل التي نفذتها دائرة الهجرة والجمارك احتجاجات في لوس أنجلوس الشهر الماضي، أرسل ترامب آلاف أفراد الحرس الوطني ومشاة البحرية إلى كاليفورنيا في مواجهة مع الديمقراطيين حول هذه القضية.
وأظهرت استطلاعات "بي بي إس نيوز" أن غالبية الأمريكيين "54%" وصفوا إجراءات دائرة الهجرة والجمارك لإنفاذ قوانين الهجرة بأنها "ذهبت بعيدًا جدًا"، وهو رقم يدعمه إلى حد كبير الديمقراطيون والمستقلون، بينما وصف 49% من الجمهوريين المستطلعين هذه الإجراءات بأنها مناسبة.
إيران تمنح الأمل
أرسل ترامب مواجهة صادمة عبر العالم السياسي في أواخر يونيو عندما أعلن أن الولايات المتحدة قصفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية، ما أدخل أمريكا في صراع متوتر بين إسرائيل وإيران في الشرق الأوسط.
ثم توسط الرئيس في وقف إطلاق نار هش أنهى الصراع الذي استمر 12 يومًا، وتفاخر بأن الضربات الأمريكية "محت" التهديد النووي الإيراني، رغم أن البعض شكك في هذا الادعاء.
يصف ترانتر هذا التطور بأنه "انتصار واضح" لترامب كقائد أعلى، قائلاً: "إنه يحلق عاليًا بعد إيران"، مشيرًا إلى ارتفاع معدلات موافقة ترامب خلال الأسبوع الماضي.
ويضيف: "أرقام الشعبية والموافقة على الأداء الوظيفي للرئيس ترامب شهدت اتجاهًا تصاعديًا منذ الأسبوع الماضي بعد انتهاء الصراع الإيراني".
الأمريكيون انقسموا حول الضربات الأمريكية، حيث أظهرت استطلاعات "بي بي إس نيوز" انقسامًا بنسبة 50-50 حول الموافقة على العمل العسكري، مع دعم أكثر من 8 من كل 10 جمهوريين للضربات، مقارنة بـ45% من المستقلين و23% من الديمقراطيين.
كما أعرب 3 من كل 4 أمريكيين عن قلقهم من أن إيران قد تنتقم بعد الضربات الأمريكية.
وأظهرت استطلاعات "سي إن إن" معارضة أكبر، حيث عارض 56% من المستطلعين الضربات مقابل 44% مؤيد، مع قلق 6 من كل 10 من أن الضربات قد تزيد من التهديد الإيراني للولايات المتحدة.