من جديد يعود النجم الكبير يحيى الفخراني إلى خشبة المسرح القومي بالقاهرة لتقديم رائعة ويليام شكسبير "الملك لير" للمرة الثالثة في تاريخه، بعد أن قدّمها لأول مرة عام 2001، ثم أعادها في 2019، قبل أن يعود بها مجددًا في عرض يعد الأضخم إنتاجيًا ضمن تاريخ البيت الفني المصري، وسط حالة من الحماس والترقب الجماهيري والنقدي.
من جانبه أعرب الفنان يحيى الفخراني عن سعادته البالغة بعودة العرض، مؤكدًا أن كل مرة يقدّم فيها "الملك لير" يكتشف عُمقًا جديدًا في النص وشخصياته، مضيفًا خلال المؤتمر الصحفي الذي أقيم مساء اليوم الأحد: "في كل مرة أتناول فيها المسرحية أجد فيها جديدًا، وقد قرأت أكثر من ترجمة قبل أن أستقر على ترجمة الدكتورة فاطمة موسى، لأنها الأكثر قربًا من روح شكسبير، وتناسب الثقافة المصرية أيضًا".
يشير النجم المصري الكبير إلى أن التحدي الأكبر كان في عرض عام 2001، حين جسّد شخصية الملك العجوز، وهو لم يكن قد بلغ تلك المرحلة العمرية بعد، أما الآن، فقد بلغ سن الشخصية واقعيًا، وهو ما يجعله أكثر توافقًا وانسجامًا مع الدور.
المسرح القومي.. ذكريات وتأبين
استعاد "الفخراني" ذكرياته مع قامات فنية مثل الفنان الراحل أشرف عبد الغفور الذي وصفه بأنه فنان خلوق وملتزم لا يمكن رصد هفوة عليه، والفنانة الراحلة سميحة أيوب التي أثنى على كفاءتها في إدارة المسرح القومي، مؤكدًا أن كلمتها كانت دائمًا محل احترام.
ذاكرة الفخراني استدعت أيضًًا خلال المؤتمر الصحفي تأثره الشديد بعد حريق المسرح القومي، قائلًا إنه ظل لفترة طويلة غير قادر على الاقتراب من المكان بسبب ارتباطه بذكريات قوية، أبرزها تقديم مسرحية "البهلوان" في عهد الفنان محمود ياسين.
وتعقيبًا على كلام الفخراني أعلن الفنان د.أيمن الشيوي، رئيس المسرح القومي، عن إقامة حفل تأبين للفنانة سميحة أيوب تقديرًا لمسيرتها، على أن يتم تحديد موعده لاحقًا.
شادي سرور: حلم تحقق مع الفخراني
بدوره أعرب المخرج شادي سرور عن امتنانه الشديد لإدارة المسرح القومي، معتبرًا أن التعاون مع الفخراني حلم قد تحقق، قائلًا: "كنت أراه تمثالًا فنيًا وأتمنى مقابلته، والآن أعمل معه، وهو صاحب التزام استثنائي، يأتي إلى البروفات بشغف وكأنه يقدم الدور للمرة الأولى".
أضاف أن العرض يتميز بتوظيف جميع المفردات المسرحية من ديكور وإضاءة وموسيقى لخدمة الكلمة والممثل، موضحًا أن طبيعة الرؤية تختلف من مخرج لآخر، فهناك من قدّم "الملك لير" بشكل فانتازي أو كوميدي، لكن رؤيته هذه المرة تنطلق من عمق النص وفلسفته.
أكبر ميزانية
يؤكد شادي سرور أن المسرحية تُقدم بصيغة تصلح لكل زمان ومكان، لما تحمله من رسائل إنسانية تمس القيم الأساسية للمجتمع، قائلًا: "العمل يناقش قضايا الخير والشر، وصراعات الإنسان مع ذاته وأسرته، وهي قضايا تشبه واقعنا كمجتمعات عربية".
فيما أوضح الدكتور أيمن الشيوي أن "الملك لير" تُعد من أكثر العروض الكلاسيكية التي يتم تقديمها حول العالم، مشيرًا إلى أن المسرح القومي أولى هذا الإنتاج اهتمامًا خاصًا، إذ بلغت ميزانيته أكبر ميزانية في تاريخ البيت الفني، مع تطبيق نظام الحجز الإلكتروني لأول مرة.
أسعار التذاكر وجدول العرض
وأعلن "الشيوي" عن تفاصيل مواعيد العرض، الذي ينطلق ابتداءً من الثلاثاء 8 يوليو المقبل حتى الأحد في أسبوع العرض الأول، على أن يُعرض أيام الخميس والجمعة والسبت والأحد من كل أسبوع.
أما عن أسعار التذاكر، فجاءت وفقًا لما تم الإعلان عنه بأسعار رمزية رغم ضخامة الإنتاج: 110 جنيهات و80 جنيهًا و60 جنيهًا، في خطوة تهدف إلى جذب جمهور عريض لمشاهدة هذا العمل التاريخي.
طارق الدسوقي: سعيد بالمشاركة برؤية جديدة
من جانبه، عبّر الفنان طارق الدسوقي عن سعادته بالمشاركة في النسخة الجديدة من العرض، مؤكدًا أن التجربة هذه المرة تحمل رؤية إخراجية وتمثيلية مختلفة تمامًا عن النسخ السابقة، ما يمنحها بُعدًا جديدًا ويعيد تقديم العمل بروح معاصرة.
مسرحية "الملك لير" من تأليف ويليام شكسبير، وتتناول قصة الملك العجوز الذي يقرر توزيع ممتلكاته على بناته الثلاث، لتتكشف مع الوقت خيانة اثنتين منهن، مقابل صدق الثالثة التي لم تكن تجيد التملق، فتدور مأساة تنتهي بانهيار أسرة وعرش.
ويُعد هذا العمل من أكثر النصوص الكلاسيكية خلودًا في تاريخ المسرح، لما يقدمه من تأملات عميقة في النفس البشرية، والحكم، والعدالة، والعلاقات الأسرية.