نفذت القوات الأمريكية عملية عسكرية، أسفرت عن مقتل قيادي بارز في تنظيم داعش، و10 من أعضاء الجماعة الإرهابية في شمال الصومال، وذلك في الوقت الذي تنفذ فيه القوات الحكومية الصومالية حملة أمنية موسعة ضد حركة "الشباب" الإرهابية.
وأفاد وزير الدفاع الأمريكي "لويد أوستن"، بأن العملية الهجومية التي نفذها الجيش الأمريكي في الصومال، أسفرت عن مقتل زعيم داعش هناك بلال السوداني، و10 من أعضاء التنظيم الإرهابي.
وقال "أوستن": "بناءً على أوامر من الرئيس جو بايدن، شنّ الجيش الأمريكي عملية هجومية في شمال الصومال أسفرت عن مقتل عدد من أعضاء داعش، بمن فيهم السوداني".
وأوضح وزير الدفاع الأمريكي أن "السوداني" كان مسؤولًا عن تعزيز الوجود المتزايد لداعش في إفريقيا، وتمويل عمليات التنظيم في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أفغانستان.
السوداني قدم ونسق التمويل لداعش في إفريقيا وأفغانستان
وذكر مسؤول أمريكي أن "السوداني" من قاعدته الجبلية في شمال الصومال، قدم ونسق التمويل لفروع تنظيم داعش ليس في إفريقيا وحسب، لكن أيضا لـ"ولاية خراسان" الذراع العاملة في أفغانستان.
وذكرت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، أنه من غير المعتاد أن تنفذ الولايات المتحدة عملية ضد داعش في الصومال، حيث تركزت العمليات العسكرية عادة على مقاتلي حركة الشباب الإرهابية هناك.
وتأتي الضربة الأمريكية في الصومال بعد أن قتلت القوات الأمريكية اثنين من كبار قادة داعش في غارة جوية في سوريا قرب نهاية العام الماضي.
استراتيجية أمريكية لمواجهة الإرهاب
وترى "سى. إن. إن" أن العملية في الصومال تمثل استمرارًا لاستراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" لمواجهة التهديدات الإرهابية من خلال عمليات "عابرة للحدود" مثل هذه، وهو تحول في الاستراتيجية أوضحه الرئيس بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على "السوداني" في عام 2012 لمساعدته مقاتلين أجانب على السفر إلى معسكر تدريب لحركة الشباب وتسهيل التمويل، حسبما نقلت "سي. إن. إن" عن مسؤول أمريكي.
ويشن الجيش الأمريكي الذي يمتلك قاعدة في جيبوتي، منذ سنوات عدة عمليات في الصومال بالتعاون مع الجيش الصومالي النظامي. وتستهدف هذه الضربات الجوية متطرفين منتمين إلى حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.
لكن هذه المرة، وجهت الولايات المتحدة ضربتها لداعش في الصومال، حيث تباينت التقديرات حول عدد عناصر التنظيم الإرهابي ما بين 280 2000 ومسلح.
نشأة وتمدد داعش في الصومال
وتشكل تنظيم داعش الإرهابي في البداية من المنشقين عن حركة الشباب وتنظيم القاعدة في الصومال، وتمركز التنظيم في "ولاية بونتلاند"، وتحديدًا في (جبال عيل مدو) وهي منطقة وعرة يصعب الوصول إليها، ساعدهم على ذلك الطبيعة الجبلية وعدم وجود طرق ممهدة من البقاء واستمرار نشاطهم الإرهابي وتهديد المجتمع الصومالي، رغم الضربات العسكرية التي تعرضوا لها من الإدارة المحلية والشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم واشنطن.
ومع سقوط "داعش" في العراق وسوريا، تدفقت عناصر التنظيم على فرعه في الصومال. ومع تنامى الهجرة إلى الصومال، بات داعش يمثل خطرًا حقيقيًا على إفريقيا، وتزايدت عملياته النوعية ضد الحكومة الصومالية.
وانعكس هذا التدفق على أداء الحركة خلال السنوات القليلة الماضية، حيث نقلت نشاطها من شمال البلاد إلى العاصمة مقديشو، الأمر الذي استدعى استجابة من السلطات التي بدأت منذ أواخر العام الماضي في الاستعداد إلى مواجهة داعش للسيطرة على انتشاره داخل البلاد.
لكن التنظيم أدرك تلك التحركات فقام بخطوة استباقية وشن هجومًا على بلدة "بلي طيطين" فتصدت له القوات الأمنية التابعة لشرطة الإقليم، وأسفرت المواجهات التي وقعت في ساعة متأخرة من ليل الخميس 13 يناير الجاري، عن مقتل 50 داعشيًا على رأسهم القيادي "أبو البراء الأماني" قائد عمليات تنظيم "داعش" فرع الصومال الذي يحمل الجنسية الإثيوبية.
ويبدو أن التحرك الأخير جاء ضمن خطة أمريكية لاحتواء خطر داعش في الصومال حيث نقلت إذاعة "صوت أمريكا" تفاصيل العملية عن مصادر أمنية وسكان محليين، أكدوا وقوع غارة جوية على جبال كالميكاد في ناحية إسكوشوبان التابعة لمنطقة باري في بونتلاند.
القوات الصومالية تشن حملة موسعة ضد "الشباب"
وجاءت العملية الأمريكية ضد داعش في الصومال، في وقت تشن فيه القوات الأمنية هناك حملة موسعة ضد حركة الشباب الإرهابية، المرتبطة بتنظيم القاعدة في إفريقيا.
وتشن حركة الشباب عددًا من الهجمات الإرهابية ضد الحكومة الصومالية منذ عام 2007، بهدف فرض سيطرتها على البلاد، وفي أغسطس 2022، شنت الحكومة الاتحادية بالتعاون مع فصائل مسلحة من العشائر المتحالفة معها هجومًا كبيرًا على مقاتلي حركة الشباب، فيما ردت الجماعة بسلسلة من الهجمات بعد طردها من بعض المناطق.
ووقعت أكثر المواجهات دموية بين القوات الصومالية ومسلحي "الشباب" الإرهابية، الأسبوع الماضي، حين أعلنت الحكومة الصومالية في بيان، مقتل أكثر من 100 مُتطرف من الحركة الإرهابية، بعد أن هاجموا قاعدة للجيش الوطني الصومالي في بلدة جلعد بمنطقة جلجودود، التي تم انتزاعها أخيرًا من سيطرة الحركة.
ونقلت قناة" القاهرة الإخبارية" في وقت سابق الشهر الجاري عن "حسن شيخ علي" أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مقديشو، أن الجيش الصومالي نجح في تحرير 4 محافظات من سيطرة حركة الشباب الإرهابية، وهي محافظات شبيلا الوسطى وهيران وجلجدود ومدج، والتي تقع في وسط البلاد.
مساعي لتحرير وسط الصومال من حركة الشباب
وأضاف علي لـ"القاهرة الإخبارية" أن قوات الجيش، تعمل على تحرير وسط الصومال نهائيًا من عناصر هذه الحركة الإرهابية، لتنتقل بعدها إلى جنوب الصومال لطرد عناصر هذه الحركة نهائيًا خارج حدود الدولة.
وشدد أستاذ العلاقات الدولية على أن الشعب الصومالي اتخذ قراره قبل الحكومة بطرد هذه الحركة وسحقها نهائيًا من الساحة، بعد أن عبثت بالبلاد لمدة 15 سنة.
وذكر أن الجيش الصومالي يحظى بدعم الولايات المتحدة ومصر وجيبوتي، الذين يمدون يد العون، فضلًا عن أن مجموعة الحشد العشائري في الصومال استنهضت وحملت السلاح لتحرير نفسها من عناصر حركة الشباب الإرهابية.