تشير هجمات أوكرانيا التي شنتها أول الأسبوع الجاري على المطارات العسكرية في عمق روسيا إلى أن الحرب المتعثرة منذ فترة طويلة تدخل مرحلة خطيرة، حيث يبدو أن كلا الجانبين عازم على التصعيد، وسط تراجع احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام.
بعد يوم واحد فقط من توجيه الطائرات الأوكرانية المسيّرة ضربة لأسطول القاذفات الروسي في هجومٍ جريء، التقى الجانبان في جولة ثانية من المحادثات في إسطنبول بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددًا رغبته في التوصل إلى اتفاق سريع لوقف القتال.
استغرق الاجتماع أقل من ساعة، وأسفر عن اتفاق لتبادل الأسرى لا أكثر. وبدلًا من التهدئة، يبدو أن الحرب الطاحنة التي استمرت 40 شهرًا تزداد سخونة - مع رد فعل ضئيل من ترامب.
وقال المسؤول الأمني الروسي الرفيع دميتري ميدفيديف، اليوم الثلاثاء، إن الهدف من إجراء محادثات السلام مع أوكرانيا هو ضمان تحقيق "نصر" روسي "سريع وكامل".
وأضاف عبر تليجرام: "محادثات إسطنبول ليست من أجل التوصل إلى سلام توافقي بشروط وهمية يحددها آخرون، بل لضمان انتصارنا السريع والتدمير الكامل لنظام النازيين الجدد"، بحسب تعبيره.
في المقابل، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية، هيورهي تيخي، للصحفيين أمس الاثنين: "لو وافقت روسيا على وقف إطلاق النار، لكانت الطائرات سليمة الآن".
وتقول أوكرانيا إن هجومها، الأحد الماضي، ألحق أضرارًا أو دمّر أكثر من 40 طائرة، بينما وثّق الخبراء نحو 14 ضربة على قاذفات روسية - وهي نكسة كبيرة لموسكو في كلتا الحالتين.
كان القتال في شرق أوكرانيا الشهر الماضي الأشد هذا العام، وفقًا لمجموعة "ديب ستيت"، وهي مجموعة تحليلية مستقلة لخطوط المواجهة الأوكرانية. ويبقى السؤال المطروح هل ستدفع الهجمات المتصاعدة الإدارة الأمريكية إلى الانخراط بشكل أعمق في عملية السلام أم ستتراجع، كما هدّد المسؤولون الأمريكيون مرارًا وتكرارًا.
بدا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مهلة أسبوعين، مهددًا "بالرد بشكل مختلف قليلًا" إذا خلص إلى أن الزعيم الروسي يُماطله.
ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، يرى بعض المحللين أن تعهد ترامب بالانسحاب من الحرب غير واقعي. وصرّح ويليام تايلور، السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا خلال إدارتي جورج دبليو بوش وترامب الأولى، قائلًا: "الانسحاب يُطيل أمد القتال. سيكون بمثابة اعتراف بالفشل".
وأحرزت المحادثات القصيرة، أمس، بعض التقدم في القضايا الإنسانية، لكنها لم تُحرز أي تقدم نحو هدنة. وأعلنت أوكرانيا أن مذكرة تفاهم بشأن شروط السلام التي وعد بها الجانب الروسي في أعقاب اجتماع 16 مايو لم تُسلّم إلى الأوكرانيين إلا بعد اجتماع الوفدين أمس في إسطنبول.
ولم يختلف اقتراح الكرملين الذي نقلته وسائل الإعلام الروسية الرسمية كثيرًا عن المطالب التي طرحتها موسكو منذ أشهر التي تمثلت في الاعتراف رسميًا بأربع مناطق أوكرانية متنازع عليها كجزء من روسيا، وتخلي القوات الأوكرانية عن تلك المناطق، والتزام كييف بسياسة الحياد التي تمنعها من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي (الناتو). كما تضمن الاقتراح تحديدًا لحجم القوات المسلحة الأوكرانية.
ووفقًا للصحيفة الأمريكية، كان ذلك مؤشرًا آخر على عزم روسيا مواصلة الحرب التي بدأتها. في غضون ذلك، ستواصل أوكرانيا اتخاذ خطوات جريئة في دفاعها.