مخرج الفيلم: كسب ثقة المقيمين بالمخيم وكسر رهبة الكاميرا أكبر التحديات
منتج العمل: لم نتوقع الفوز وتعلق الجمهور بقصة إنسانية من فلسطين بعيدًا عن الحرب
حجزت السينما الأردنية والفلسطينية حضورًا هذا العام في مهرجان كان السينمائي الدولي، حيث فاز الفيلم الوثائقي الطويل "أسفلت" للمخرج الأردني حمزة حميدة بجائزة "الوثائقي قيد الإنجاز" ضمن برنامج Cannes Docs، في إنجاز جديد يسلط الضوء على الأصوات القادمة من الهامش، وتحديدًا من مخيم البقعة، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن.
رحلة بدأت من حلم
في حوار خاص مع موقع "القاهرة الإخبارية"، تحدث المخرج الأردني الفلسطيني حمزة حميدة عن قصة الفيلم التي انطلقت من أكبر المخيمات الفلسطينية في الأردن وصولًا إلى كان السينمائي، إذ يقول: "الفضل في ترشيح الفيلم يرجع بالأساس إلى المؤسسة الفلسطينية التي آمنت بالمشروع وقدّمته لمهرجان كان، باعتباره يحكي قصة فلسطينية من قلب أحد أكبر مخيمات اللاجئين في العالم. كما كان للهيئة الملكية الأردنية للأفلام دور مهم في دعم الفيلم".
كانت القصة هي محور البحث التي بحث عنها الثنائي حمزة حميدة والمخرج والمنتج محمود المساد الذي رافقه منذ بداية الرحلة، إذ يقول حميدة عن ذلك: "أنا والمنتج محمود المساد كنا نبحث عن وسيلة نقدم بها الصورة الفلسطينية للعالم، لكن بطريقة سينمائية جديدة وغير تقليدية، ولهذا اخترت شخصية الشاب "الدبس"، وهو شاب طموح يعمل راعيًا للأغنام في المخيم، يساعده في رحلته لتحقيق حلمه بالزواج من حبيبته، صديقته الحمارة ورده".
كسب الثقة
ثمة تحديات كبيرة واجهت صناع الفيلم خلال التصوير في مخيم البقيع، حيث يقول "حميدة" عنها: "المخيم عالم مغلق، يملك رهبة من الكاميرا ويخشى التوثيق. لذلك، كان من الضروري أن أقضي وقتًا طويلًا هناك، حتى أكسب ثقة الناس، وأتمكن من الدخول إلى تفاصيل حياتهم اليومية دون تكلّف أو تصنع".
وأضاف أن دعم المؤسسة الفلسطينية، بقيادة محمد ورشيد، والهيئة الملكية للأفلام، كان حاسمًا في تسليط الضوء على الفيلم في مهرجان "كان"، وتمكينه من المنافسة والحصول على هذه الجائزة المرموقة.
قصة الشاب
عن سبب اختياره لهذه القصة تحديدًا، قال حمزة: "كنت أبحث مع المنتج محمد المساد عن حكاية تُظهر السينما الفلسطينية بشكل معاصر، بطريقة تصوير غير تقليدية توائم الفيلم الوثائقي. وبعد بحث طويل، استقرينا على هذه القصة التي تحمل في طياتها بعدًا إنسانيًا عميقًا، بعيدًا عن النمطية أو التصريحات المباشرة".
وأوضح أن المخيم لم يكن مألوفًا للكاميرات أو فرق الصحافة، ولذلك استغرق الأمر وقتًا طويلًا لإقناع سكانه بالمشاركة، والتغلب على رهبة التصوير.
تمويل الفيلم
من جانبه، تحدث المنتج والمخرج الأردني الفلسطيني محمد المساد عن صعوبات إنتاج الفيلم، قائلًا لموقع "القاهرة الإخبارية": "في الوطن العربي، كل خطوة في صناعة الأفلام هي تحدٍّ بحد ذاتها، خاصة على مستوى التمويل. بدأنا العمل على الفيلم بدون أي دعم مادي، فقط من أجل الوصول إلى رؤية واضحة لما نريده. اشتغلنا عليه لسنوات طويلة، وبذلنا جهدًا كبيرًا لبناء الثقة مع الناس داخل المخيم".
رهبة سكان المخيم كانت دافعًا لاتخاذ قرار بتصوير المخرج للعمل بمفرده بدون الاستعانة بفني صوت، إذ يقول المساد عن ذلك: "حمزة صوّر الفيلم وحده، بدون حتى فني صوت، حتى لا يشعر الناس بأي غرابة أثناء التصوير، ولكي يقترب منهم إنسانيًا، هذا القرار كان مرهقًا جدًا له، خاصة مع ضرورة أن يكون الصوت والتصوير احترافيين لتفادي أي مشكلات عند المونتاج".
وأوضح أن الفيلم لا يحتوي على مقابلات، بل يتتبع حياة بطل القصة اليومية، وتطور رحلته نحو الزواج، قائلًا: "أن نصنع فيلمًا بلا مقابلات مباشرة، يعتمد فقط على المتابعة الحية، كان تحديًا كبيرًا، لكنه خلق تجربة صادقة تسمح للمشاهد بالحكم على القصة من تلقاء نفسه".
جائزة غير متوقعة
وذكر المساد: "لم نكن نتوقع أن نحصل على جائزة. قلت لحمزة إن مجرد ترشيح الفيلم في برنامج عالمي بمهرجان كان هو بحد ذاته جائزة. لم ننتظر شيئًا، لكن المفاجأة كانت حين حصد الفيلم أكبر جائزة في البرنامج بعد توزيع كافة الجوائز الأخرى. كنا في طريقنا إلى عمان لنستكمل التصوير، وهذه الجائزة كانت دفعة معنوية هائلة".
واختتم المساد حديثه بتأكيده أن الأهم من الجوائز هو وصول قصة الفيلم إلى الجمهور، قائلًا: "الناس أحبّت القصة وآمنت بها وتفاعلت معها. وهذا هو الأهم. من الجميل أن نقدم فيلمًا يعرض قضايا الفلسطينيين من زاوية إنسانية، بعيدًا عن مشاهد الحرب المعتادة في التلفزيونات. نحاول أن نروي قصة إنسانية خلف الحرب، قصة فيها أمل وبساطة وكفاح".