الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"دبلوماسية الصدمة".. نهج ترامب مع ضيوف البيت الأبيض ينقص مكانة أمريكا

  • مشاركة :
post-title
دونالد ترامب يهاجم رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا في البيت الأبيض

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

حذر الخبراء من تأثير ما وصفوه بـ"دبلوماسية الصدمة" التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع بعض ضيوفه في البيت الأبيض، إذ تقوض هذه الطريقة المكانة الدولية للولايات المتحدة، وفق ما أوردت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

وذكرت الصحيفة، في سياق تعليقها على اللقاء الذي جمع بين الرئيس الأمريكي ونظيره الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا، في البيت الأبيض، مساء أمس الأول الأربعاء، أن أمريكا أصبحت لديها "رياضة جديدة للمشاهدين"، وصفتها بـ"الفوضوية"، ومكان ممارستها هو المكتب البيضاوي، في إشارة إلى النهج الذي يتبعه ترامب في التعامل مع ضيوفه.

وقالت الصحيفة إن ترامب كان في موقف حرج، في مواجهة رامافوزا، الذي جاء للبيت الأبيض لإجراء محادثات حول التجارة والاستثمار، فوجد نفسه في موقف دبلوماسي أشبه بليّ الذراع والرأس، حيث هاجمه ترامب بشدة بسبب مزاعم مفندة حول قتل المزارعين البيض في جنوب إفريقيا بأعداد كبيرة وطردهم من أراضيهم، وهي مزاعم رفضها رامافوزا.

وخفض الرئيس الأمريكي الأضواء لعرض مونتاج لمقاطع فيديو يزعم أنها تظهر عنفًا ضد البيض، وهو ما رد عليه رامافوزا بالإشارة إلى أن معظم ضحايا الجريمة في جنوب إفريقيا من السود.

ولا يزال الخبراء يحاولون فهم ما يعنيه الكمين الأخير في المكتب البيضاوي بالنسبة للعلاقات الخارجية الأمريكية، إذ قال جون بولتون، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي لترامب في ولايته الأولى، لفاينانشال تايمز: "هذا لا يشجع الناس على الرغبة في الجلوس مع ترامب - فمن يدري كيف سيُعاملون؟"، مؤكدًا أن هذه السياسة "غير مجدية".

وقد يكون لهذا آثار عميقة على تعاملات ترامب المستقبلية مع زعماء مثل الرئيس الصيني شي جين بينج، الذي يرغب في تجنب مثل هذا الخلاف العلني بأي ثمن.

وقال ستيفن ويرثيم، المؤرخ للسياسة الخارجية الأمريكية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "من شأن هذا أن يعزز المخاوف الحالية لدى شي بشأن إقامة علاقات غير مخططة مع الزعماء الأجانب".

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يوبخ فيها ترامب شخصية زائرة علنًا، فقد تعرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لانتقادات مماثلة في فبراير، إذ انتقده ترامب وجي دي فانس لتقصيره في إظهار امتنانه للولايات المتحدة، في مواجهة حادة أثارت مخاوف من قطيعة كاملة بين الحليفين.

وحسب "فاينانشال تايمز"، يقول الخبراء إن مثل هذه الخلافات العلنية تعد بمثابة هدية لموسكو وبكين، اللتين تعتبرانها تقوض هيبة الولايات المتحدة الدولية، لا سيما وأن القوة الناعمة الأمريكية قد تضررت بالفعل جراء تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ما أدى إلى إغلاق مئات البرامج الصحية المنقذة للحياة حول العالم.

وقالت ميشيل جافين، الباحثة البارزة في دراسات السياسات الإفريقية بمجلس العلاقات الخارجية: "إن مثل هذه التفاعلات تعزز موقف الصين، وتؤكد مصداقية ادعاءاتها بأنها شريك موثوق".

وذكر كريستوف هوسجن، الذي عمل مستشارا للأمن القومي للمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل: "إن الولايات المتحدة سوف تفقد نفوذها في العالم بشكل كبير نتيجة لحوادث مثل هذه".

ولفتت "فاينانشال تايمز" إلى أن مكانة أمريكا الدولية آخذة في التراجع بالفعل، ووفقًا لأحدث استطلاع لمؤشر تصورات الديمقراطية، الذي أجري في أبريل، فإن نسبة الدول التي تحمل صورة إيجابية عن الولايات المتحدة تبلغ الآن 45%، بانخفاض عن 76% في العام الماضي.

كان الانطباع عن ترامب سلبيًا أيضًا في 82 دولة من أصل 100 دولة شملها الاستطلاع. في المقابل، حظي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظرة سلبية في 61 دولة، بينما حظي شي جين بينج بنظرة سلبية في 44 دولة فقط. وصرح ويرثيم: "هذا المشهد في المكتب البيضاوي لن يسهم إلا في تراجع شعبية الولايات المتحدة".

خلال فترة ولايته الأولى، نادرًا ما انتقد ترامب ضيوفه علنًا، مكتفيًا بإيماءات صغيرة تنم عن الازدراء، مثل رفضه مصافحة ميركل أمام كاميرات التلفزيون في عام 2017، ولكن، كما تظهر اللقاءات مع زيلينسكي ورامافوزا، فإن شهية الرئيس للانقضاض العلني الكامل قد ازدادت، حسب وصف الصحيفة البريطانية.

كما استخدم ترامب فرص التقاط الصور التذكارية للإشادة بالسياسيين الذين يتوافقون مع أجندته الأيديولوجية، مثل الرئيس السلفادوري نجيب أبو كيلة، الذي شكره شخصيًا لمساعدته في حملته لترحيل المهاجرين غير الشرعيين.

وتمكن بعض قادة العالم من صد هجمات ترامب الكلامية، ففي اجتماع عقد في البيت الأبيض في فبراير مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، زعم ترامب أن الاتحاد الأوروبي "يقرض أوكرانيا المال، وستسترد أموالها"، وهو ما قابله الأخير بوضع يده على ذراع ترامب، وناقضه قائلًا: "لا، في الواقع، بصراحة، لقد دفعنا 60% من إجمالي الجهد.. لقد قدمنا ​​أموالًا حقيقية، للتوضيح".

استغل مارك كارني، رئيس الوزراء الكندي المنتخب حديثًا، ظهوره في البيت الأبيض لرفض ادعاء ترامب بشأن كندا رفضًا قاطعًا، قائلًا: "هناك أماكن لا تباع أبدًا". إلا أن الكلمة الأخيرة كانت لترامب، إذ شن هجومًا لاذعًا مدعيًا أن الولايات المتحدة تتحمل الجزء الأكبر من تكاليف دفاع كندا.

لكن اللقاء مع رامافوزا كان بالنسبة للعديد من المراقبين، محيرًا للغاية. كان لدى الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا الكثير لمناقشته، التجارة والاستثمار، ومستقبل مجموعة البريكس، وقمة مجموعة العشرين التي تعقد في جوهانسبرج في نوفمبر.

وبدلًا من ذلك، أصبح ترامب مهووسًا بادعاءات كاذبة حول الإبادة الجماعية ضد المزارعين البيض في جنوب إفريقيا. وتساءل بولتون عما إذا كانت هذه الادعاءات قد تم فحصها من قبل خبراء أمريكيين في جنوب إفريقيا، والذي أكد أنهم كانوا سيشككون في صحتها قبل الاجتماع.