على مدى عقود، كان رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) يحضر يوميًا "اجتماع المدير" في الساعة 8:30 صباحًا، الذي يقدم أهم المعلومات الاستخباراتية ومعلومات إنفاذ القانون التي جمعها آلاف العملاء والمحللين في جميع أنحاء البلاد.
وفي أيام الأربعاء بعد الظهر، كان مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي أو نائبه يعقد مؤتمرًا آمنًا عبر الفيديو مع قادة المكاتب الميدانية في جميع أنحاء البلاد؛ لتبادل المعلومات حول أولويات المكتب.
لكن مع تولي كاش باتيل، حليف الرئيس دونالد ترامب، قيادة المكتب الفيدرالي، تغير جدول المدير المعتاد.
وفق تقرير لشبكة NBC News، فإنه على عكس أسلافه، يتلقى باتيل "مذكرة المدير" يومين أسبوعيًا فقط، كما توقف عن عقد مؤتمر الفيديو الأسبوعي عصر الأربعاء مع قادة مكتب التحقيقات الفيدرالي، كما ذكر مسؤول حالي وآخر سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي.
ونقل التقرير عن عشرات المسؤولين الحاليين والسابقين في وزارة العدل (DOJ) ومكتب التحقيقات الفيدرالي، أن "أسلوب باتيل في التعامل مع وظيفته الجديدة أثار مخاوف من أنه لا يأخذ المنصب على محمل الجد بدرجة كافية".
كما قال مسؤولان حاليان واثنان سابقان في المكتب الفيدرالي ووزارة العدل إن المسؤولين الذين عملوا على إحاطات المدير الصباحية "قيل لهم إن الجدول تغير لأن باتيل فشل في بعض الأحيان في الوصول في الوقت المحدد".
وفي الوقت نفسه، لفت باتيل الانتباه لظهوره بانتظام مع المشاهير في الأحداث الرياضية الاحترافية في جميع أنحاء البلاد، وفقًا لسجلات الرحلات الجوية ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي.
رحلات متعددة
منذ توليه منصبه في 20 فبراير الماضي، يبدو أن باتيل سافر على متن ثلاث رحلات جوية تابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي إلى ناشفيل بولاية تينيسي، حيث تقيم صديقته مغنية موسيقى الريف، ورحلتين إلى لاس فيجاس حيث يملك منزلًا، ورحلة واحدة إلى نيويورك، حيث حضر مباراة هوكي احترافية.
وفرضت سياسة مكتب التحقيقات الفيدرالي في السنوات الأخيرة على المديرين السفر على متن طائرات حكومية لأسباب أمنية.
في المقابل، أكد بن ويليامسون، المتحدث باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي، انخفاض عدد إحاطات المدير التي تُعقد الساعة 8:30 صباحًا، لكنه نفى وصول باتيل متأخرًا إلى الاجتماعات الصباحية.
وقال "ويليامسون" إن باتيل لا يزال يحضر خمسة اجتماعات صباحية أسبوعيًا، بما في ذلك ثلاثة اجتماعات أصغر من إحاطة المدير، لافتًا إلى أن هذا التغيير استند إلى ملاحظات من موظفي المكتب، وليس إلى جدول أعمال المدير أو حضوره.
أضاف: "لا يزال لديه خمسة اجتماعات صباحية أسبوعيًا.. هذه الاجتماعات بالغة الأهمية للحفاظ على أمن أمريكا".
ورفض ويليامسون التعليق على ما إذا كانت الرحلات الست التي تم ذكرها تتضمن أنشطة عمل، وقال إن المدير الجديد يلتزم بجميع قواعد أخلاقيات مكتب التحقيقات الفيدرالي، مؤكدًا: "لا يُعلّق مكتب التحقيقات الفيدرالي على ترتيبات السفر لأغراض أمنية.. جميع المبادئ الأخلاقية تُتّبع بدقة".
تغييرات وصدمات
أيضًا، نقل التقرير عن مسؤولين في مكتب التحقيقات الفيدرالي أن المؤتمر الهاتفي الأسبوعي الذي كان يعقده المدير مع قادة المكاتب الميدانية توقف بعد "محاولات تسريب" أدت إلى سيل من الأخبار، لكن باتيل لا يزال يتحدث بانتظام مع قادة المكاتب الميدانية.
وأوضح مسؤولان حاليان في المكتب أن باتيل "بدا أحيانًا غير مهتم"، وأن مُوَجِّهي الاستخبارات يُكافحون لصياغة إحاطة تجذب انتباهه، بينما أكد ويليامسون أن المدير الجديد عمل بلا كلل منذ توليه منصبه.
وأضاف: "يعمل المدير باتيل ليلًا ونهارًا لقيادة المكتب وحماية الوطن.. والنتائج حتى الآن خير دليل، ولا نزال في البداية".
في الوقت نفسه، يحاول الفريق الذي يعد موجز المدير التكيف مع جدول باتيل، وفق التقرير.
قال أحد المسؤولين: "كانوا يواجهون صعوبة في عقد الإحاطة الصباحية لأن باتيل لم يتمكن من الحضور في الوقت المحدد.. لذا قلصوا الآن مدة الإحاطة من خمسة أيام أسبوعيًا إلى يومين فقط، الثلاثاء والخميس.. وحتى هذا كان صعبًا".
وشكك بعض المسؤولين السابقين في مكتب التحقيقات الفيدرالي -بما في ذلك بعض المؤيدين للرئيس دونالد ترامب- في تفاني باتيل في وظيفته.
روتين المدير السابق
بعد تولي باتيل منصبه، ذكرت المصادر أن موظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي حاولوا الحفاظ على الروتين الصباحي لسلفه كريستوفر راي.
ويقول مسؤولون سابقون إن "راي" كان يبدأ يومه في مبنى جيه إدجار هوفر بوسط مدينة واشنطن بتلقي نسخة شفهية وكتابية من الموجز اليومي للرئيس، وهو من أكثر المعلومات الاستخباراتية حساسية التي تجمعها الحكومة الأمريكية، وأضافوا أن باتيل كان يُسلّم الموجز اليومي كتابيًا يوميًا.
وفي الساعة 8:30 صباحًا، يقدم مسؤولو مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى راي ونائبه موجز المدير، فيما كان يميل إلى أن يكون اجتماعًا كبيرًا مليئًا بكبار المسؤولين الذين يحددون جدول أعمال المكتب، حسبما قالت المصادر.
ويقول مسؤولون سابقون إن راي كان عادةً ما يعبر الشارع إلى مقر وزارة العدل لتقديم إحاطة إلى المدعي العام ميريك جارلاند، وأضافوا أن باتيل كان يُقدم إحاطة أحيانًا إلى المدعية العامة بام بوندي في وقت لاحق من الصباح.
ويحاول مسؤولو مكتب التحقيقات الفيدرالي المختصون بالإيجاز الذي يستمر يومين في الأسبوع "تكييفه مع مصالح باتيل"، لذا فإنهم "يحاولون الآن إعداد ملخص للأشياء التي قد يكون مهتمًا بها، الأمر الذي يدفعهم إلى سحب المنتجات وتبديل الأشياء"، كما قال أحد المسؤولين.