اتهم رئيسا وزراء إسرائيل السابقين، إيهود أولمرت و إيهود باراك، نظيرهما الحالي بنيامين نتنياهو، بوضع إسرائيل على شفا الحرب الأهلية، ودفعها إلى الانهيار الوشيك.
وحذر "أولمرت"، في مقال نشرته صحيفة "هاآرتس"، من أن إسرائيل تقترب بشكل غير مسبوق من حرب أهلية تهدد أسس النظام الديمقراطي فيها، نتيجة لتصعيد غير مسبوق في الصراع بين حكومة نتنياهو، وبين مؤسسات الدولة الديمقراطية، وعلى رأسها المحكمة العليا.
وقال أولمرت، إن الديمقراطية الإسرائيلية مهددة من الداخل من قِبل سلطات الدولة ذاتها، وإن خطر الانزلاق إلى فوضى دموية لم يعد مجرد احتمال، بل واقع يلوح في الأفق.
ويصف "أولمرت" حادثة اقتحم فيها نائب في الكنيست المحكمة العليا، وتصرف بهمجية أثناء جلسة مهمة، بأنها ليست حالة معزولة، بل جزء من خطة أوسع لهدم مؤسسات الدولة وتقويض أسس الديمقراطية، بدعم مباشر أو ضمني من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ويشير أولمرت إلى أن أعضاء الكنيست لا يتمتعون بحصانة تخولهم التصرف بعدوانية أو بطريقة همجية داخل المحكمة، ويؤكد أن ما حدث من فوضى داخل قاعة المحكمة لا يمكن تبريره تحت غطاء العمل البرلماني.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، أن الفوضى كانت متعمدة لإهانة القضاء وتقويض شرعيته أمام الرأي العام، خاصة بعد أن هدد مسؤولون حكوميون بمقاطعة جهاز الشاباك والقضاة إن لم تصدر المحكمة العليا أحكامًا تتماشى مع رغبات الحكومة.
ويصوِّر أولمرت في مقاله، هذه التحركات كمحاولة لانقلاب سياسي داخل الدولة، ليس من قِبل الشعب أو المعارضة، بل من قِبل من هم في سدة الحكم. ويتهم الوزراء وأعضاء الكنيست المنتمين للائتلاف الحاكم بالتحريض العلني ضد المحكمة العليا، وبالعمل على تقويض شرعيتها، بل فتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة قد تشمل السيطرة بالقوة على وسائل الإعلام ومحاصرة المحكمة.
ويتوقع أولمرت أن تلجأ الميليشيات المسلحة، التي يدعمها الوزير اليميني المتطرف إيتمار بن جفير، إلى اقتحام أستوديوهات القنوات التلفزيونية، وتهديد الصحفيين، والسيطرة على بث الأخبار، كما يفعلون في المحاكم والساحات العامة، ويشير إلى أن هذه التهديدات ليست خيالية، بل تتجسد تدريجيًا في الواقع، من خلال حملات التحريض والتجييش واستهداف الصحفيين والمعارضين.
ويشير أولمرت إلى احتمالية أن تشهد إسرائيل شخصيات مثل الناشط من أقصى اليمين بنتسي جوبشتاين أو مغني الراب المعروف بـ"الظل"، وهم يسيطرون على بث الأخبار في القنوات الكبرى، بدلًا من الصحفيين المحترفين الذين يتم التحريض ضدهم اليوم بتهمة "الخيانة" أو "العمل لصالح العدو".
ويقول إن القلق يمتد أيضًا إلى أداء الجيش الإسرائيلي، إذ يشير كاتب المقال إلى وقائع عنف خطيرة ترتكبها وحدات عسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة ضد الفلسطينيين، من بينها مقتل مسعفين فلسطينيين في ظروف غامضة.
كما ينتقد أولمرت صمت المؤسسات الأمنية، وفشل الشرطة في منع أعمال العنف التي يمارسها المستوطنون بحق الفلسطينيين، مقارنة بفاعليتها الشديدة ضد الضحايا أنفسهم.
وختم المقال بالتحذير من أن حربًا أهلية مدمرة قد تكون وشيكة ما لم تتخذ خطوات حاسمة لوقف الانحدار، وطرح سؤالًا مفتوحًا عمّا إذا كان الخروج الشعبي الحاشد إلى الشوارع سيكون سببًا في منع العنف أو تسريعه.
ومن جهته، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، مما وصفه بـ"انهيار ديمقراطي وشيك" في البلاد، متهمًا نظيره الحالي نتنياهو، بأنه يقود إسرائيل بخطى ثابتة نحو "الهاوية" باتجاه "ديكتاتورية فاسدة ومتطرفة".
واتهم باراك في مقال رأي نُشر على موقع "القناة 12" الإسرائيلية، نتنياهو بشن حرب لأهداف شخصية للبقاء السياسي والقانوني، وأكد أن نتنياهو بممارساته يقود إسرائيل نحو الهاوية ويهدد أمنها القومي.
وشدد على أن "الحرب في غزة تُدار بلا هدف استراتيجي حقيقي، بل فقط من أجل تأجيل المحاسبة وعرقلة لجنة التحقيق في إخفاقات 7 أكتوبر".
وأوضح أن إدارة نتنياهو للسلطة خلال العامين الأخيرين تظهِر نمطًا ممنهجًا لتقويض القضاء، وتحييد أجهزة الرقابة، والسيطرة على الإعلام، وتعيين دمى في المناصب الحساسة.
كما اتهم باراك، نتنياهو بمحاولة استخدام أجهزة الأمن لأغراض شخصية، دون ذكر تفاصيل، وطالب المستشارة القضائية للحكومة جالي بهاراف ميارا، بإعلان تعذر نتنياهو عن مواصلة مهامه، والعمل على تنحيته من منصبه.
ودعا باراك الإسرائيليين إلى عصيان مدني سلمي واسع النطاق من أجل ما وصفه بـ"إنقاذ الدولة من الانهيار". واختتم باراك مقاله بالقول: "نتنياهو أعلن الحرب على إسرائيل، لكن إسرائيل ستنتصر عليه، إن عرفنا كيف نتحرك قبل فوات الأوان".
ومنذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، صرح وزراء ومسؤولون إسرائيليون سابقون بأن نتنياهو مستمر في حربه على غزة بمصالح شخصية، مطالبين بتنحيته. ووقع أكثر من 1200 عسكري فاعلين واحتياط في الجيش الإسرائيلي عدة رسائل تطالب نتنياهو بوقف الحرب على غزة لاستعادة المحتجزين في القطاع.
وتقدر تل أبيب وجود 59 محتجزًا إسرائيليًا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 9 آلاف و500 فلسطيني، يعانون تعذيبًا وتجويعًا وإهمالًا طبيًا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.