الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد انهيار الأسواق ومعارضة الحلفاء.. رسوم ترامب إلى ثلاجة الـ90 يوما

  • مشاركة :
post-title
دق خبراء الاقتصاد أجراس إنذار ضخمة بشأن الركود الوشيك والأزمة المالية

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

جاء محو 10 تريليونات دولار من أسعار الأسهم العالمية، في غضون أيام قليلة من قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإقرار التعريفات الجمركية الجديدة، ليهز ثقة إدارته التي دافعت عن القرارات بقوة، بل وقد يكون السبب في إعلانه تأجيل تطبيق هذه التعريفات.

وكما اضطرت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ليز تروس إلى التراجع عن تخفيضات الضرائب غير الممولة بعد تمرد حراس السندات في سبتمبر 2022، تراجع ترامب فجأة عن تعريفاته الجمركية "المتبادلة" في مواجهة الانهيار المالي العالمي الوشيك.

وفي منشور مفاجئ على حسابه على موقع Truth Social، الأربعاء، أعلن ترامب عن تعليق لمدة 90 يومًا للرسوم الجمركية المتبادلة الفردية على شركاء أمريكا التجاريين والتي هزت الأسواق المالية منذ كشفها في 2 أبريل.

بدلاً من ذلك، ستخضع جميع الدول للحد الأدنى من الرسوم، وهو 10%، الذي حدده لجميع شركاء أمريكا التجاريين، أي جميع الدول باستثناء الصين، حيث رفع الرسوم الجمركية إلى 125%.

وتُظهِر هذه التراجعات الهائلة أن ترامب اضطر إلى الرضوخ للأسواق، وما أصبح موجة عارمة من الانتقادات حيث دق خبراء الاقتصاد أجراس الإنذار الضخمة بشأن الركود الوشيك والأزمة المالية؛ فبدا تعليق الرسوم أشبه بمطفأة حريق انطلقت قبل انتشار اللهيب.

وربما يكون ترامب قد قلل من أهمية الأمر، لكنه لم يستطع أن ينكر أن مشكلته الكبرى كانت عائدات السندات"؛ كما أشار تحليل لصحيفة "ذا تليجراف" البريطانية.

انهيار سريع

بعد ظهر الأربعاء (بتوقيت شرق الولايات المتحدة) خرج ترامب ليقول للصحفيين: "سوق السندات حساس للغاية. كنت أتابعه. ورأيت الليلة الماضية أن الناس كانوا يشعرون ببعض القلق". لكن يبدو أن هذا التوصيف أقل من الحقيقة.

عادةً ما تنخفض أسعار الفائدة على الدين الحكومي مع انخفاض أسواق الأسهم. فإذا باع المستثمرون الأسهم، فإنهم عادةً ما يرغبون في تحويل أموالهم إلى أصول الملاذ الآمن، مما يزيد الطلب. هذه المرة حدث العكس، فبدلاً من الشراء، شنّ المستثمرون عمليات بيع مكثفة للغاية.

ويلفت التحليل إلى أنه عندما يبيع المستثمرون السندات، ينخفض ​​الطلب عليها، وهذا يعني أن المشترين يستطيعون الحصول على أسعار فائدة أعلى، وبالتالي ترتفع العائدات.

ومنذ إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية، انخفض الطلب بشكل كبير، لدرجة أن العائدات على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عاما ارتفعت في يومين فقط بأسرع وتيرة مسجلة خلال أي تباطؤ كبير في سوق الأسهم منذ عام 1982، وفقًا لجورج بيركس من مجموعة "بيسبوك" للاستثمار.

في الأسبوع الذي تلا إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية المتبادلة، وحتى تراجعه عن موقفه، ارتفعت العائدات على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عامًا بنحو 40 نقطة أساس، لتصل إلى 4.91%، في حين قفزت العائدات على الديون لأجل 10 سنوات بنحو 0.3 نقطة مئوية إلى 4.45%.

في الوقت نفسه، تراجع الدولار -وهو ملاذ آمن آخر عادةً ما يرتفع مع تحذيرات الركود- بشكل حاد. وانخفض مؤشر الدولار بنسبة 3.4% منذ بداية مارس.

وكتب جورج سارافيلوس، رئيس قسم العملات الأجنبية في "دويتشه بنك"، في مذكرة للعملاء صباح الأربعاء: "السوق يتجه نحو تقليص الدولار بسرعة".

وأضاف: "نشهد انهيارًا متزامنًا في أسعار جميع الأصول الأمريكية، بما في ذلك الأسهم والدولار وسوق السندات".

فقدان الثقة

لم يُلاقِ مزاد سندات الخزانة الأمريكية لأجل ثلاث سنوات، الذي عُقد الثلاثاء، إقبالاً يُذكر، مما فاقم المخاوف بشأن الطلب.

وبينما لاقى مزاد سندات العشر سنوات، الذي عُقد الأربعاء، إقبالاً جيداً، إلا أن نسبة المبيعات للمشترين المباشرين، أي البنوك وصناديق التحوط، انخفضت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وفي حالة استمرار الاضطرابات، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان سيضطر إلى التدخل للقيام بعمليات شراء طارئة واسعة النطاق لسندات الخزانة الأمريكية من أجل استقرار سوق السندات. بعبارة أخرى، كان يتعين على البنك الفيدرالي أن يفعل بالضبط ما فعله بنك إنجلترا خلال أزمة السندات الحكومية التي أعقبت الميزانية المصغرة التي قدمتها تروس في سبتمبر 2022.

أيضًا، صباح الأربعاء، حذر لاري سامرز، وزير الخزانة الأمريكي الأسبق، من أن "تحركات السوق تعني أننا قد نتجه نحو أزمة مالية خطيرة ناجمة بالكامل عن سياسة التعريفات الجمركية التي تنتهجها الحكومة الأمريكية".

وفي اليوم نفسه حذّر بنك إنجلترا من أن سياسة ترامب التجارية تُعرّض العالم لأزمة مالية أكثر. وذكرت لجنة السياسة المالية في البنك أن الارتفاع الحاد في الرسوم الجمركية العالمية يعني "ارتفاع احتمال وقوع أحداث سلبية، وشدة آثارها المحتملة".

وقالت لجنة السياسة المالية في البنك الإنجليزي إن "المخاطر المرتبطة بمخاوف استدامة الديون، بما في ذلك الزيادات الحادة في عائدات السندات الحكومية، قد تتبلور بسرعة نسبية".

انقلاب الداعمين

في الوقت الحالي، بدأ ترامب يواجه انتقادات شديدة ممن كان يستطيع الاعتماد عليهم عادة للحصول على الدعم.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، انقلب الملياردير بيل أكمان -أحد مؤيدي ترامب سابقًا- على الرئيس، محذرًا من أن الرسوم الجمركية التي فرضها تهدد بـ "شتاء نووي اقتصادي". وحث الرئيس على "الدعوة إلى مهلة 90 يومًا".

كما قال إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا و"الصديق الأول" للرئيس، إنه يريد منطقة تجارة حرة خالية من التعريفات الجمركية عبر المحيط الأطلسي. ووصف بيتر نافارو، مستشار ترامب التجاري ومهندس التعريفات الجمركية بأنه "أغبى من كيس من الطوب".

أيضًا، انشق بن شابيرو، المؤيد المخلص لحركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى / MAGA"، عن الصف ليقول إن الرسوم الجمركية "ربما تكون غير دستورية" و"مجنونة إلى حد كبير".

ويلفت التحليل إلى أن قناة "فوكس نيوز" -حليفة ترامب ومصدر عدد من مسؤولي إدارته- انقلبت على سياسة ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية.

وبدأت القناة التلفزيونية المفضلة للرئيس الأمريكي ببث انتقادات من أمثال جيمي ديمون، رئيس بنك "جي بي مورجان"، بالإضافة إلى سرد قصص الشركات التي تعاني من ارتفاع تكاليف الاستيراد.