رغم هيمنة صدى سياسات التعريفات الجمركية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي ترامب على عناوين الأخبار، ظل تأثير رجل الأعمال والمشرف على وزارة الكفاءة الحكومية "DOGE" إيلون ماسك، محل نقاش ساخنًا في الدوائر الجمهورية طيلة الأسبوع الماضي، مع تزايد التكهنات بأنه قد يترك منصبه شبه الرسمي قريبًا.
وباتت الأسئلة حول ما إذا كان عملاق التكنولوجيا يُشكل "أصلًا" أم "التزامًا" بالنسبة لترامب أكثر حدة من أي وقت مضى، وتضمنت إيجابيات وسلبيات الدور السياسي الأوسع الذي يلعبه الملياردير بعد هزيمة المرشح المحافظ براد شيميل بسهولة أمام منافسته الليبرالية سوزان كروفورد في انتخابات المحكمة العليا بولاية "ويسكونسن"، الثلاثاء الماضي.
ويلفت تحليل لصحيفة "ذا هيل" - المعنية بشؤون الكونجرس والسياسة الأمريكية - إلى أن ماسك والمجموعات التابعة له أنفقوا ما يقرب من 20 مليون دولار على السباق، على أمل دعم ترشيح شيميل.
وعرضت لجنة العمل السياسي التابعة لماسك 100 دولار لكل شخص يوقع على عريضة تعارض "القضاة النشطاء"، ومنحت شيكين بقيمة مليون دولار لأفراد قاموا بذلك، أحدهما رئيس الحزب الجمهوري في كلية "ويسكونسن".
ووفق التحليل، قدّم ماسك الشيكين بنفسه وسط تصريحات ملتوية في فعالية عامة بـ"جرين باي"، الأحد الماضي.
اتهامات لماسك
يشير التحليل إلى أن مشاركة ماسك في انتخابات محكمة "ويسكونسن" العليا أصبحت نقطة تجمع لليبراليين والديمقراطيين، الذين اتهموه بمحاولة شراء الانتخابات.
وفي هذا الشأن، بدا أن الأصول والالتزامات السياسية لماسك قد "ألغت بعضها البعض"، إذ كان هامش فوز كروفورد بـ10 نقاط مطابقًا تقريبًا للانتخابات الأخيرة للمحكمة، عام 2023، عندما ساد مرشح ليبرالي آخر بفارق 11 نقطة.
مصير ماسك، بطبيعة الحال، سيعتمد في نهاية المطاف على ترامب نفسه.
ويقول التحليل: "انتهز رجل الأعمال كل فرصة للتقرب من الرئيس الذي عزز فرصه الانتخابية بإنفاق يقارب 300 مليون دولار. ويؤكد ماسك باستمرار أن التخفيضات الشاملة التي يخطط لها في الإنفاق الحكومي عبر وزارة كفاءة الحكومة لن تكون ممكنة إلا بوجود ترامب في المكتب البيضاوي".
ولفت إلى نفي ترامب أي خلاف بين الرجلين، على الأقل من النوع الذي توقعه منتقدوهما كثيرًا، لكنه كان غامضًا بشكل واضح بشأن ما ينتظر ماسك تحديدًا.
وقال ترامب للصحفيين المرافقين له على متن طائرة الرئاسة، الخميس الماضي: "أريد أن يبقى إيلون لأطول فترة ممكنة. سيصل إلى نقطة سيُجبر فيها على المغادرة".
وذكرت صحيفة "بوليتيكو" في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن ترامب أبلغ أعضاء مجلس الوزراء، وغيرهم من المقربين منه، أن ماسك سيتنحى عن منصبه في الأسابيع المقبلة.
ويبدو أن نقطة الخروج الأكثر ترجيحًا هي بعد 130 يومًا من تولي ترامب منصبه، إذ إن هذا هو إجمالي عدد الأيام التي يُفترض أن يقضيها شخص يتمتع بمكانة ماسك وفي منصبه، باعتباره موظفًا حكوميًا بوضع خاص يخضع لمتطلبات إفصاح أقل من العضو الكامل في الإدارة. ووفقًا لهذا الجدول الزمني، سيغادر منصبه أواخر مايو.
وفي الوقت نفسه، كتبت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت، على منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، أن "إيلون سيترك الخدمة العامة كموظف حكومي خاص عندما يكتمل عمله المذهل في (DOGE)".
إيجابيات وسلبيات
ينقل التحليل عن أليكس كونانت، الخبير الاستراتيجي في الحزب الجمهوري، قوله إن أي شخص "ذي قيمة مالية كقيمة هذا الرجل قادر بلا شك على تقديم المساعدة للإدارة الأمريكية".
وأضاف: "إن استعداده لإنفاق مئات الملايين من الدولارات يُمثل رصيدًا حقيقيًا للجمهوريين".
وقال الخبير الجمهوري: "عمل وزارة كفاءة الحكومة مثير للجدل، وأعتقد أنه (ماسك) يدرك ذلك. بعد أن تجنب وسائل الإعلام خلال الشهرين الأولين، وبدأ بحملة إعلامية مكثفة. أعتقد أنه يدرك أن عليه الترويج لعمله هذا للشعب الأمريكي".
مع هذا، هناك مشكلة واحدة "تتمثل في أن ماسك يميل إلى إدخال نفسه في مشكلات أعمق بسبب تعليقاته العامة"، كما حدث عندما وصف مؤخرًا الضمان الاجتماعي بأنه "مخطط بونزي" في مقابلة مع جو روجان.
وأكد التحليل أن الطبيعة المثيرة للانقسام لعمل وزارة كفاء الحكومة أدت إلى مواقف محرجة لإدارة ترامب، مثل طرد وإعادة توظيف العمال الفيدراليين الذين يتعاملون مع السلامة النووية.
وتظهر استطلاعات الرأي العام الأمريكي باستمرار، أن ماسك أقل شعبية من ترامب، كما أن معدلات تأييده المنخفضة بين النساء مذهلة بشكل خاص.
وأظهر استطلاع رأي أجرته جامعة "كوينيبياك"، الشهر الماضي، أن 57% من الأمريكيين ينظرون إلى ماسك نظرة سلبية، بينما ينظر إليه 36% بإيجابية.
أما بين النساء، فلم تنظر إليه سوى 26% بإيجابية، بينما نظرت إليه نسبة 66% - أي أكثر من ضعف هذه النسبة - نظرة سلبية.
ويشير التحليل إلى أن ماسك "لديه مصالحه التجارية التي يجب مراعاتها"، فقد تراجعت مبيعات شركته "تسلا" بشدة مع تحوله إلى شخصية مثيرة للجدل، وانخفضت تسليمات شركة صناعة السيارات الكهربائية بنسبة 13% على أساس سنوي في الربع الأول.