تواجه الولايات المتحدة ارتفاعًا مقلقًا في حالات الإصابة بمرض الحصبة، إذ سجَّلت عدة ولايات تفشيًا نشطًا للفيروس شديد العدوى، ويأتي هذا الارتفاع في الإصابات في وقت تزايدت فيه المخاوف من تراجع معدلات التطعيم، ما يهدد بإعادة انتشار مرض كان أُعلن القضاء عليه منذ عام 2000.
وأكدت بيانات حديثة صادرة عن "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" (CDC) أن عدد الإصابات خلال العام الحالي تجاوز العدد المسجل خلال عام 2024 بأكمله، ما يعكس خطورة الوضع الصحي في البلاد، حسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
انتشار الحصبة بأمريكا
وأعلنت ولايات تكساس وأوكلاهوما ونيو مكسيكو وكانساس وأوهايو عن تفشيات نشطة للحصبة، مع تسجيل حالات جديدة في مناطق لم تكن تشهد إصابات سابقة.
وبدأ تفشي الحصبة في تكساس منذ شهرين، وسجلت الولاية حتى الثلاثاء الماضي 422 إصابة موزعة على 19 مقاطعة، مع انتقال الفيروس لأول مرة إلى وسط الولاية، وتم إدخال 42 شخصًا إلى المستشفى بسبب المضاعفات الناجمة عن الإصابة.
وفي نيو مكسيكو، تم الإعلان عن أربع حالات جديدة، ليصل إجمالي الإصابات إلى 48 حالة، معظمها في مقاطعة ليا، حيث أُدخل شخصان إلى المستشفى، وأكد مسؤولو الصحة أن هذه الإصابات مرتبطة جينيًا بالتفشي المستمر في تكساس.
توسع نطاق العدوى
في كانساس، تم تسجيل 24 حالة في ست مقاطعات جنوبية غربية، وأشارت السلطات الصحية إلى أن الحالة الأولى المُكتشَفة في الولاية تعود لشخص تعرض للفيروس نتيجة تفشي المرض في تكساس ونيو مكسيكو.
أما في أوكلاهوما، فارتفع عدد الحالات المؤكدة إلى ثماني حالات، إضافة إلى حالتين محتملتين، مع تأكيد ارتباط بعضها بتفشي المرض في غرب تكساس ونيو مكسيكو.
وأعلنت ولاية أوهايو عن إصابة جديدة في مقاطعة ألين، ليصل عدد الحالات إلى 11، منها 10 حالات في مقاطعة أشتابولا، حيث كان التفشي مرتبطًا بمخالطة أشخاص سافروا إلى الخارج.
وارتفع عدد الإصابات في مقاطعة نوكس بين الزوار الدوليين إلى ثلاث حالات، لكنها لم تُدرج ضمن الإحصاء الرسمي للولاية.
الوضع العام
وفقًا لبيانات CDC، سُجِّلت إصابات في عدة ولايات أخرى، من بينها ألاسكا وكاليفورنيا وكولورادو وفلوريدا وجورجيا وكنتاكي وميريلاند وميتشيجان ومينيسوتا ونيوجيرسي ونيويورك وبنسلفانيا ورود أيلاند وتينيسي وفيرمونت وواشنطن.
وأوضحت التقارير أن تفشي الحصبة في الولايات المتحدة غالبًا ما يرتبط بشخص أصيب بالفيروس خلال سفره إلى الخارج، ليعود وينقله إلى مجتمعات ذات معدلات تطعيم منخفضة، ما يؤدي إلى انتشار المرض بسرعة، وكان عام 2019 شهد تسجيل 1274 حالة إصابة، ما كاد يفقد البلاد وضعها كدولة خالية من الحصبة.
لقاحات الحصبة
توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بتلقي لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) كأفضل وسيلة للوقاية من المرض، ويُنصح الأطفال بتلقي الجرعة الأولى بين 12 و15 شهرًا، والجرعة الثانية بين 4 و6 سنوات.
وأفاد سكوت ويفر، من الشبكة العالمية للفيروسات، بأن الأفراد الذين حصلوا على اللقاح منذ سنوات قد يحتاجون إلى جرعة معززة، خاصة في المناطق التي تشهد تفشيًا نشطًا، أو للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة تجعلهم أكثر عرضة للمضاعفات.
أعراض الحصبة
يصيب فيروس الحصبة الجهاز التنفسي أولًا، قبل أن ينتشر في الجسم مسببًا الحمى وسيلان الأنف والسعال واحمرار العينين وظهور الطفح الجلدي، ويبدأ الطفح الجلدي عادة بعد 3-5 أيام من ظهور الأعراض الأولية، وقد تصاحبه ارتفاعات حادة في درجة الحرارة تصل إلى 104 درجات فهرنهايت.
رغم أن معظم الأطفال المصابين يتعافون من الحصبة، إلا أن المرض يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، منها الالتهاب الرئوي والعمى وتورم الدماغ وحتى الوفاة.
لا يوجد علاج محدد للحصبة، ولكن يركز الأطباء على تخفيف الأعراض ومنع المضاعفات من خلال الراحة، وتناول السوائل وخفض الحمى، وقد يُوصى بجرعات من فيتامين أ لتعزيز المناعة لدى الأطفال المصابين.
أهمية معدلات التطعيم
في المجتمعات التي تتجاوز فيها معدلات التطعيم 95%، يصعب انتشار الفيروس، وهو ما يعرف بمفهوم مناعة القطيع، لكن الانخفاض الملحوظ في معدلات التطعيم منذ جائحة كورونا أدى إلى تزايد الإصابات، إذ بات بعض الآباء يرفضون تلقيح أطفالهم لأسباب دينية أو شخصية.
وكان عام 2024 شهد ارتفاعًا في حالات الإصابة، من بينها تفشٍّ بارز في شيكاغو، حيث تم تسجيل أكثر من 60 حالة.
مع استمرار تفشي الحصبة في عدة ولايات، تبرز الحاجة الملحة لتعزيز حملات التطعيم، خاصة في المجتمعات ذات المعدلات المنخفضة، فالتطعيم لا يحمي الأفراد فقط، بل يحمي المجتمعات بأكملها من انتشار الفيروس، ويمنع عودة ظهور أمراض كان يُعتقد أنها أُبيدت نهائيًا.