بعد حظر تطبيق "تيك توك" في الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام، منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصة الفيديو الاجتماعية الصينية قبلة الحياة، متجاوزًا قانونًا أقره الكونجرس وأيدته المحكمة العليا بالإجماع والذي قال إن الحظر ضروري للأمن القومي.
وبينما أثارت الأوامر التنفيذية للرئيس الجمهوري أكثر من 130 دعوى قضائية خلال شهرين فقط من توليه منصبه، لكن الأمر التنفيذي الخاص بـ "تيك توك" لم يُثر أي ضجة. ولم يطعن أحد في حظره المؤقت لقانون عام 2024 الذي حظر تطبيق الفيديو الاجتماعي الشهير بعد انقضاء الموعد النهائي لبيعه من قِبل شركة "بايت دانس"، الشركة الأم الصينية.
ولم يتقدم سوى عدد قليل من أعضاء مجلسي الكونجرس، النواب والشيوخ -البالغ عددهم 431 عضوًا- من الذين صوّتوا لصالح القانون بشكاوى. كما أشار تقرير لوكالة "أسوشيتد برس".
هكذا، وعلى الرغم من الإجماع الحزبي في الولايات المتحدة حول الخطر الذي تشكله علاقات "تيك توك" مع الصين على الأمن القومي الأمريكي، ظل التطبيق متاحًا داخل الولايات المتحدة، مما أسعد 170 مليون مستخدم في البلاد.
كما تم إقناع شركات التكنولوجيا العملاقة "أبل" و"جوجل" و"أوراكل" بمواصلة تقديم ودعم التطبيق الصيني، على وعد بأن وزارة العدل في عهد ترامب لن تستخدم القانون لطلب غرامات باهظة محتملة ضدهم.
ونقل التقرير عن سارة كريبس، مديرة معهد سياسة التكنولوجيا بجامعة كورنيل، أنه "يبدو وكأن شيئًا لم يحدث على الإطلاق".
خطر أمني
مع أن أي بند من بنوده لا يسمح بذلك، أعلن ترامب تعليق العمل بالقانون الخاص بحظر "تيك توك" لمدة 75 يومًا، وذلك لإعطاء شركة "بايت دانس" فرصة جديدة للعثور على مشترٍ أمريكي.
وكما أشار الرئيس الأمريكي إلى إمكانية تمديد فترة الإيقاف، لكنه صرّح لاحقًا بأنه يتوقع التوصل إلى اتفاق بحلول يوم السبت، عند انتهاء فترة الإعفاء. وسيجتمع مع مساعديه لمناقشة خيارات شراء محتملة لـ "تيك توك". ومن بين المستثمرين المحتملين شركتا "أوراكل" و"بلاكستون الاستثمارية".
وجاءت خطوة ترامب في أعقاب تحدي سريع لحرية التعبير من جانب "تيك توك" ومستخدميه والذي انتهى بحكم بالإجماع من المحكمة العليا قبل أيام من تنصيب ترامب، حيث قرر القضاة أن المخاوف المتعلقة بالأمن القومي تغلبت على تقبلهم المعتاد لمطالبات التعديل الأول.
وتناولت آراء المحكمة بالتفصيل إمكانية أن تقوم الصين بجمع كميات هائلة من بيانات مستخدمي "تيك توك"، وهو ما قد يسمح لها بتتبع مواقع الموظفين والمتعاقدين الفيدراليين.
وكتب القاضي نيل جورسوتش: "يُثبت السجل المعروض علينا أن تيك توك يستخرج بيانات من مستخدميه ومن ملايين آخرين ممن لا يوافقون على مشاركة معلوماتهم".
وأضاف: "وفقًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، يُمكن لتيك توك الوصول إلى "أي بيانات" مُخزّنة في "قائمة جهات اتصال" المستخدم المُوافق. بما في ذلك الأسماء والصور وغيرها من المعلومات الشخصية المتعلقة بأطراف ثالثة غير مُوافقة".
في المقابل، قالت شركة "تيك توك"، التي يوجد مقرها الرئيسي في سنغافورة ولوس أنجلوس، إنها تعطي الأولوية لسلامة المستخدم. وقالت وزارة الخارجية الصينية إن حكومة الصين لم تطلب من الشركات أبدًا ولن تطلب منها "جمع أو تقديم البيانات أو المعلومات أو المعلومات الاستخباراتية" الموجودة في دول أجنبية.
وفي اليوم التالي للحكم، اختفى تطبيق تيك توك بالنسبة للمستخدمين في الولايات المتحدة، لكنه عاد للعمل بعد أن تعهد ترامب بوقف الحظر.
إلى النقيض
تشير "أسوشيتد برس" إلى أنه مع مرور الوقت، تغير موقف الرئيس الأمريكي بشأن "تيك توك". خلال ولايته الأولى، استخدم أمرًا تنفيذيًا لمحاولة حظر التطبيق لأسباب تتعلق بالأمن القومي، لكن المحاكم الفيدرالية عرقلت ذلك. ثم حاولت إدارته التفاوض على بيع التطبيق، لكنها فشلت.
بعدها، غيّر ترامب موقفه خلال حملته الانتخابية لعام 2024، قائلاً إنه سيُنقذ "تيك توك"، ثم أشاد بمنصة الفيديو لمساعدته في كسب المزيد من الناخبين الشباب. وأعلن تعليق حظر وجودها لمدة 75 يومًا في اليوم الأول من ولايته الثانية.
وبينما يسمح القانون بإعطاء مهلة لمدة 90 يوما، ولكن فقط إذا كان هناك اتفاق على الطاولة وإخطار رسمي إلى الكونجرس، تنقل "أسوشيتد برس" عن آلان روزنشتاين، أستاذ القانون بجامعة مينيسوتا، إن تصرفات ترامب حتى الآن تنتهك القانون الأمريكي.
وفي حين وجّه ترامب وزارة العدل بعدم السعي لفرض غرامات على شركات التكنولوجيا، إلا أن هذه الشركات لا تزال تُخاطر قانونيًا، وفقًا للمشرعين الديمقراطيين الذين يعارضون حظر "تيك توك" وينتقدون ترامب على أفعاله.
وكتب أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون كوري بوكر (نيوجيرسي) وكريس فان هولين (ماريلاند) وإد ماركي (ماساتشوستس) أن هذه الشركات قد تواجه مئات المليارات من الدولارات من المسؤولية القانونية لتسهيل عمليات "تيك توك" منذ تاريخ سريان القانون في 19 يناير.
وقد أقرّت الشركات نفسها بوضعها القانوني غير المستقر في ردّها الأولي على أمر ترامب. لكنها لم تغير مسارها إلا بعد أن تلقت ضمانات مكتوبة من وزارة العدل.