الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعيدا عن جواسيس الصين وروسيا.. أمريكا تصنع أكبر تهديد لأمنها القومي

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في عصر تزداد فيه التهديدات السيبرانية تعقيدًا، لم يعد الخطر الرئيسي الذي يهدد الأمن القومي الأمريكي يأتي فقط من الجواسيس الأجانب الروسيين والصينيين أو القراصنة الإلكترونيين، بل بات ينبع من داخل أروقة الحكومة نفسها. وحسب تقرير لموقع "أكسيوس" الأمريكي، فإن التسريبات غير المقصودة والوصول العشوائي إلى المعلومات الحساسة من قبل كبار المسؤولين الحكوميين أصبحت تًمثل تهديدًا بالغ الخطورة على الدولة الأمريكية.

تسريبات غير مقصودة

في 11 مارس، تلقى رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتيك"، جيفري جولدبرج، طلب اتصال عبر تطبيق "سيجنال" من حساب يحمل اسم "مايكل والتز"، وهو اسم مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب، ورغم شكوكه حول هوية المرسل، قرر قبول الدعوة، ليجد نفسه لاحقًا ضمن مجموعة دردشة تحمل اسم "المجموعة الحوثية الصغيرة"، هذه المجموعة ضمت شخصيات بارزة مثل نائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت بتلر.

وأثار وجود جولدبرج في هذه المجموعة قلقه، إذ استشار زملاءه حول إمكانية أن تكون هذه المحادثات جزءًا من عملية تضليل استخبارية، لكنه لاحظ أن مستوى النقاش وتفاصيل المعلومات تشير إلى أن المحادثة حقيقية.

والمثير في الأمر أن هذه المحادثة السرية كشفت عن ثغرة خطيرة في بروتوكولات الأمان الحكومية، فيما أكد البيت الأبيض لاحقًا صحة هذه المحادثة، ما أثار تساؤلات حول مدى التزام المسؤولين بالبروتوكولات الأمنية التقليدية.

إجراءات الأمان التقليدية

لطالما تم التعامل مع الاتصالات الخاصة بالعمليات العسكرية بحذر شديد، إذ تُجرى داخل منشآت المعلومات الحساسة والمقسمة "SCIF"، مثل غرفة العمليات في البيت الأبيض، وهي بيئات مصممة لمنع أي محاولات للتنصت أو الاختراق.

حتى عندما يكون المسؤولون في الخارج، يتم تجهيز منشآت متنقلة آمنة لضمان إجراء المناقشات العسكرية ببيئة خالية من التهديدات، ومع ذلك، فإن استخدام تطبيق مثل سيجنال، حتى مع تشفيره القوي، يمثل مخاطرة كبيرة نظرًا لأن اختراق الحسابات غير المؤمنة على التطبيق ليس بالأمر الصعب، ما يجعله أداة غير مثالية لتبادل معلومات على هذا المستوى من الحساسية، وفقًا لتقرير الموقع الأمريكي. 

إهمال الأمان لصالح الراحة

لطالما فضّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الراحة على الأمان، إذ اعتمد على هاتفه المحمول الشخصي لإجراء مكالمات رسمية، خلال ولايته الأولى، ما أثار قلق الخبراء الأمنيين، كما وُجهت إليه اتهامات بالتعامل غير الآمن مع الوثائق السرية، وهو ما زاد من المخاوف بشأن تفشي الإهمال الأمني داخل الإدارة.

وأدت محاولات مسؤولي ترامب لتسريع العمليات الإدارية وتقليل ما أسموه "عدم الكفاءة" في الأنظمة الحكومية إلى خلق تهديدات داخلية خطيرة، إذ تجاهل بعض المسؤولين التحذيرات الأمنية، ما زاد من احتمالات وقوع اختراقات أو تسريبات غير مقصودة.

إيلون ماسك والتحديات الأمنية

وبحسب "أكسيوس"، فإن أحد الجوانب المقلقة الأخرى هو أن فريق إيلون ماسك التقني، الذي يشارك في بعض المشروعات الحكومية، يتكون من أفراد يفتقرون إلى الخبرة في التعامل مع البيانات الحكومية الحساسة، والأسوأ من ذلك، أن أحد هؤلاء الأفراد كان مرتبطًا بعصابة إجرامية إلكترونية، وتم طرده من تدريب أمني بسبب تسريبه معلومات حساسة.

تُظهر هذه الأحداث أن الإجراءات البيروقراطية التي يحاول بعض المسؤولين تجاوزها لم تُفرض اعتباطيًا، بل وُضعت لحماية المعلومات الأكثر حساسية لدى الحكومة الأمريكية، وفي ظل تصاعد التهديدات السيبرانية، فإن أي تساهل في تطبيق بروتوكولات الأمان يمكن أن يؤدي إلى عواقب كارثية.

ويكشف تقرير موقع "أكسيوس" الأمريكي عن تحدٍ داخلي جديد تواجهه الولايات المتحدة في مجال الأمن السيبراني، إذ لم يعد التهديد يقتصر على القوى الخارجية، بل أصبح ينبع من داخل المؤسسات الحكومية نفسها.