في الأشهر الأولى من عام 2025، شهدت الولايات المتحدة سلسلة من الحوادث الجوية المتتالية، ما أثار تساؤلات حول سلامة الطيران المدني في البلاد.
وهذه الحوادث، التي تراوحت بين اشتعال محرك طائرة ركاب في مطار دنفر، وتحطم طائرة صغيرة في مجمع سكني بولاية بنسلفانيا، وصولًا إلى اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية، كشفت عن واقع مثير للقلق يستدعي التحقيق والتدقيق.
ويعد حادث اشتعال محرك طائرة ركاب تابعة للخطوط الجوية الأمريكية في مطار دنفر الدولي، في أثناء هبوطها الاضطراري اليوم الجمعة، هو الأحدث في سلسلة من الحوادث هذا العام والتي نشرت القلق بين المسافرين جوًا ودفعت إلى انتقادات حادة لمنظمي الطيران الأمريكيين.
اشتعال طائرة ركاب في دنفر
وفقًا لما نقلته شبكة CNN، تعرضت طائرة تابعة للخطوط الجوية الأمريكية لحريق في محركها أثناء هبوطها الاضطراري في مطار دنفر الدولي، والتي كانت متجهة من كولورادو سبرينجز إلى دالاس-فورت وورث، هبطت في دنفر قرابة الساعة الخامسة مساءً بالتوقيت المحلي، ما أجبر 172 راكبًا وستة من أفراد الطاقم على الإخلاء الطارئ عبر جناح الطائرة وسط تصاعد الدخان.
ونشرت شركة الطيران بيانًا عبر CNN، شكرت فيه الطاقم وفريق الطوارئ في المطار على استجابتهم السريعة، مؤكدين أن الأولوية كانت سلامة الركاب.
تحطم طائرة في بنسلفانيا
في حادث منفصل وقع في 11 مارس، تحطمت طائرة صغيرة من طراز "بيتشكرافت بونانزا" في موقف سيارات لمجمع سكني للمتقاعدين في مقاطعة لانكستر ببنسلفانيا.
ووفقًا لتصريحات رئيس إدارة الإطفاء في بلدة مانهايم، سكوت ليتل، أسفر الحادث عن إصابة جميع الركاب الخمسة الذين تم نقلهم إلى مستشفيات مختلفة، فيما تضررت 12 مركبة، خمس منها بشكل بالغ.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة اشتعال النيران في حطام الطائرة وتصاعد الدخان الكثيف، بينما أفاد المسؤولون بعدم وقوع إصابات بين سكان المجمع السكني، وأعلنت إدارة الطيران الفيدرالية عن فتح تحقيق في الحادث في ظل تزايد الحوادث الجوية خلال الأشهر الأخيرة.
اصطدام كارثي بين طائرة ومروحية عسكرية
في حادث مأساوي آخر أوردته صحيفة "نيويورك تايمز"، اصطدمت طائرة ركاب تابعة للخطوط الجوية الأمريكية بمروحية عسكرية أثناء اقترابها من مطار ريجان الوطني في واشنطن، ليلة 29 يناير.
وأسفر الاصطدام عن انفجار هائل أدى إلى سقوط الطائرتين في نهر بوتوماك، ومقتل جميع من كانوا على متنهما، وعددهم 67 شخصًا.
يعد هذا الحادث الجوي الأكثر دموية في الولايات المتحدة منذ 20 عامًا، وأثار تساؤلات حول إجراءات مراقبة الحركة الجوية، ومسارات الطيران لكلتا الطائرتين، فيما لا يزال التحقيق جاريًا لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء الكارثة.
تحطم طائرة طبية في فيلادلفيا
في 31 يناير، تحطمت طائرة طبية صغيرة شمال شرقي فيلادلفيا بعد لحظات من إقلاعها، ما أدى إلى اندلاع حريق هائل التهم المنازل والمركبات المحيطة، ووفقًا للسلطات، أسفر الحادث عن مقتل جميع من كانوا على متن الطائرة، وهم ستة أشخاص، بالإضافة إلى شخص آخر كان على الأرض.
الطائرة، وهي من طراز ليرجيت 55، كانت في مهمة لإعادة طفلة مكسيكية إلى وطنها بعد تلقيها العلاج في فيلادلفيا، برفقة والدتها، وطاقم طبي مكون من طبيب ومسعف.
حادث تحطم في ألاسكا
في 6 فبراير، اختفت طائرة صغيرة من طراز "سيسنا 208 كارافان" تابعة لشركة بيرينج إير في أثناء توجهها إلى مدينة نوم بألاسكا، ما استدعى عملية بحث واسعة. وفي اليوم التالي، تم العثور على حطام الطائرة مع جثث جميع الركاب العشرة، بينهم الطيار.
وأفادت إدارة الطيران الفيدرالية بأن الطيار كان أبلغ عن نيته التوقف مؤقتًا بسبب انشغال المدرج، لكن تبين لاحقًا أن المدرج لم يكن مغلقًا، مما يثير تساؤلات حول سوء الفهم الذي أدى إلى الحادث.
اصطدام طائرتبن في أريزونا
وفي 10 فبراير، اصطدمت طائرتان خاصتان في مطار سكوتسديل في أريزونا، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين.
ارتفاع في حوادث الطيران خلال 2025
تشير بيانات المجلس الوطني لسلامة النقل الأمريكي إلى وقوع 87 حادث طيران خلال عام 2025، منها 62 حادثًا في يناير و25 في فبراير، ومن بين هذه الحوادث، هناك 13 حادثًا مميتًا، منها 10 في يناير و3 في فبراير.
ورغم هذه الإحصائيات، أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أن العدد لا يزال ضمن المعدلات الطبيعية، مؤكدًا أن هذه الحوادث لا علاقة لها بوزارة النقل أو إدارة الطيران الفيدرالية، رغم تخفيض عدد موظفي الأخيرة بنحو 400 شخص.
انخفاض مبيعات التذاكر
أثارت حوادث تحطم الطائرات مؤخرًا مخاوف بين المسافرين ودفعت البعض إلى التراجع عن خطط السفر الجوي، إذ قال الرئيس التنفيذي لشركة "دلتا إيرلاينز" إد باستيان إن "الحادث المميت لطائرة تابعة لشركة أميركان إيرلاينز أثناء اقترابها من مطار رونالد ريجان الوطني في واشنطن في يناير فضلاً عن حادث تحطم غير مميت حيث انقلبت طائرة رأسًا على عقب عند هبوطها في تورنتو الشهر الماضي، من المرجح أن يكونا على الأقل وراء تراجع السفر الذي تشهده شركات الطيران هذا العام".
وأضاف "باستيان"، في مؤتمر لمستثمري جي بي مورجان تشيس: "أثار ذلك صدمة كبيرة بين المستهلكين". ولم يُفصّل باستيان مدى تباطؤ مبيعات التذاكر، وخفّضت الشركة توقعاتها لنمو الإيرادات للربع بمقدار النصف في إفصاح تنظيمي.
وقال باستيان إن حوادث الطيران هذه كانت من بين أسوأ حوادث الطيران في السنوات الخمس والعشرين الماضية، ونتيجة لذلك "هناك جيل كامل من الناس يسافرون هذه الأيام ولم يدركوا أن مثل هذه الأشياء يمكن أن تحدث"، على حد قوله.