الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ترامب في لندن.. زيارة ملكية تهدد بأزمة دستورية غير مسبوقة

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملك تشارلز في قصر باكنجهام في اليوم الأول من زيارة الرئيس الأمريكي والسيدة الأولى - يونيو 2019

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تحوَّلت الأنظار مؤخرًا إلى الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة المتحدة، التي أثارت جدلًا واسعًا بين الأوساط السياسية والشعبية البريطانية، إذ إن هذه الزيارة التي من المقرر أن تكون الثانية من نوعها للرئيس الأمريكي، قد تشكل منعطفًا خطيرًا في العلاقات البريطانية الأمريكية، وقد تتسبب في أزمة دستورية غير مسبوقة.

وأوضحت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية أن الملك تشارلز وجَّه دعوة رسمية للرئيس الأمريكي لزيارة المملكة المتحدة، وذلك في أعقاب حادثة مثيرة للجدل تتعلق بموقف ترامب من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وأكدت الصحيفة أن هذه الدعوة جاءت بناءً على توصية من الحكومة البريطانية التي رأت أنها تصب في المصلحة الوطنية، وليست بالضرورة رغبة شخصية من الملك.

وأشارت إلى أن النظام الملكي الدستوري في بريطانيا يفرض على الملك في جميع المسائل السياسية أن يتصرف فقط بناءً على نصيحة وزرائه، وهذا العرف وجد لإبقاء التاج فوق السياسة.

ونقلت الصحيفة عن سياسي بريطاني بارز قوله: "لن يتم جر الملك إلى السياسة.. سيتبع نصيحة رئيس وزرائه.. الزيارات الرسمية هي جزء حيوي من القوة الناعمة.. والقوة الناعمة هي كل ما تبقى لنا".

وإذا كان الملك معترضًا على الزيارة، فإن رفضه الامتثال لنصيحة حكومته كان سيتسبب في أزمة دستورية خطيرة قد تؤدي إلى استقالة رئيس الوزراء والحكومة، وإجراء انتخابات عامة، وقد يصل الأمر إلى إجباره على التنازل عن العرش.

حقوق الملك المحدودة

تستعرض "ذا تليجراف" سوابق تاريخية لزيارات دولة أثارت جدلًا مماثلًا، مثل زيارة الإمبراطور الياباني هيروهيتو عام 1971، والتي قوبلت باحتجاجات واسعة من قدامى المحاربين.

كما تذكر الصحيفة زيارات مثيرة للجدل أخرى شملت الرئيس الروماني نيكولاي تشاوشيسكو، والرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينج.

رغم القيود الدستورية، فإن الملك ليس عاجزًا تمامًا، إذ إنه وفقًا للكاتب الدستوري والتر باجيهوت، تطورت ثلاثة حقوق للملوك في ظل الملكية الدستورية: حق الاستشارة، وحق تقديم المشورة، وحق التحذير. وينقل التقرير عن أحد المقربين من القصر الملكي قوله إن أسلوب الملك تشارلز يختلف كثيرًا عن أسلوب والدته الراحلة، وأنه قد يصدر تحذيرًا صريحًا لرئيس وزرائه إذا تدهور الوضع، إذ إنه "شديد الحساسية" للمشاعر العامة.

معارضة متصاعدة

بعد حادثة زيلينسكي، دعا سياسيون من مختلف الأحزاب إلى إلغاء الدعوة، وكشف استطلاع أن 42% من البريطانيين يعارضون الزيارة، و51% يرون أنه ما كان ينبغي دعوة ترامب في المقام الأول.

وسرعان ما جمعت عريضتان تطالبان بإلغاء الزيارة 280 ألف توقيع، بينما جمعت عريضة ضد زيارته عام 2019 نحو 1.8 مليون توقيع.

مع استمرار ستارمر في رفض سحب الدعوة، ظهرت تلميحات من واشنطن بتداعيات سلبية على العلاقات البريطانية الأمريكية إذا تم إلغاء الزيارة.

وتزداد هذه المخاوف خطورة بعد قرار ترامب "تعليق" المساعدات العسكرية والاستخباراتية لأوكرانيا.

وحذرت "ذا تليجراف" من أن الاستياء العام الشديد قد يجر الملك إلى السياسة، وهو ما صُممت الملكية الدستورية لتجنبه، ففي عام 2019، شارك نحو 75 ألف شخص في مظاهرة بوسط لندن خلال زيارة ترامب الأولى، والتصور العام بأن ترامب تخلى عن أوكرانيا قد يثير احتجاجات أكبر.

واختتمت الصحيفة بالتحذير من أن هذا قد يتسبب في الإضرار بسمعة الملك ومؤسسة الملكية نفسها، وسيتعين على الحكومة أن تقرر ما إذا كان سيحدث ضرر أكبر من مجيء ترامب أو من عدم مجيئه، وهو قرار قد يكون من أهم القرارات التي سيتخذها ستارمر.