الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بمساعدة جوجل وميتا ومايكروسوفت.. إسرائيل تعاقب الفلسطينيين على نواياهم

  • مشاركة :
post-title
جندي إسرائيلي يصور فلسطينيا بواسطة الذكاء الاصطناعي

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

كشف تحقيق أجرته مجلة "+972" العبرية، بالتعاون مع موقع "Local Call" وصحيفة "ذا جارديان"، عن تطوير جيش الاحتلال الإسرائيلي أداة ذكاء اصطناعي جديدة مشابهة لبرنامج ChatGPT، تهدف إلى مراقبة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

هذه الأداة، التي يتم إنشاؤها تحت إشراف الوحدة 8200 التابعة لجيش الاحتلال، تُدرَّب على ملايين المحادثات العربية التي يتم جمعها من خلال أنظمة المراقبة الإسرائيلية، ما يثير قلقًا واسعًا بشأن انتهاك الحقوق الرقمية للفلسطينيين واستخدام هذه التكنولوجيا لتعزيز السيطرة العسكرية عليهم.

أداة لتعميق الاحتلال

تُعد الوحدة 8200 فرقة استخبارات سيبرانية متقدمة داخل مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وهي الجهة التي تقود تطوير هذه الأداة الجديدة، وتعتمد التكنولوجيا على نموذج اللغة الكبير (LLM)، وهو نظام تعلُّم آلي قادر على تحليل وتوليد وترجمة وتلخيص النصوص.

وبخلاف نماذج اللغة التقليدية التي تعتمد على المعلومات المتاحة عبر الإنترنت، يتم تدريب النموذج الإسرائيلي على بيانات استخباراتية واسعة النطاق، ما يمنحه قدرة غير مسبوقة على تحليل الأنشطة اليومية للفلسطينيين، وفقًا لمصادر أمنية إسرائيلية.

توظيف التكنولوجيا في عمليات القمع

وفقًا لمصدر استخباراتي تحدث لمجلة "+972"، فإن "الذكاء الاصطناعي يعزز السيطرة"، مشيرًا إلى أن الأداة الجديدة ستسمح لجيش الاحتلال الإسرائيلي بتحليل بيانات عدد أكبر بكثير من الفلسطينيين، ما يسهِّل تعقب الناشطين الحقوقيين، ومراقبة الأنشطة المدنية، وحتى قمع البناء الفلسطيني في الضفة الغربية.

وهذه التكنولوجيا لا تهدف فقط إلى منع العمليات المسلحة، بل تُستخدم أيضًا كوسيلة لمراقبة وتحليل تحركات الفلسطينيين بشكل أوسع، ما يعزز من قبضة إسرائيل الأمنية عليهم.

بعد هجمات السابع من أكتوبر، سعت الوحدة 8200 إلى توظيف خبراء في تطوير نماذج اللغة من شركات تكنولوجية كبرى مثل جوجل وميتا ومايكروسوفت، وتم استدعاء هؤلاء الخبراء للخدمة الاحتياطية، حاملين معهم معرفة متقدمة كانت تقتصر سابقًا على شركات التكنولوجيا العالمية، وبينما نفت جوجل أي علاقة بعمل موظفيها في هذه المشروعات، رفضت ميتا ومايكروسوفت التعليق على القضية.

انتهاك صارخ للحقوق الرقمية

حذّر زاك كامبل، الباحث الحقوقي من أن تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على بيانات فلسطينيين غير متهمين بأي جرائم يمثل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان، وأضاف نديم ناشف، مدير منظمة "حملة" الحقوقية، أن إسرائيل تستخدم الفلسطينيين كحقل تجارب لهذه التقنيات، بهدف تعزيز سيطرتها العسكرية والفصل العنصري.

أكد شاكيد روجر جوزيف سيدوف، المسؤول عن المشروع داخل الوحدة 8200، في مؤتمر عُقِد العام الماضي، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل على "استبدال جميع ضباط الاستخبارات بوكلاء ذكاء اصطناعي" قادرين على تحليل البيانات وتحديد المشتبه بهم بسرعة غير مسبوقة، ويبدو أن هذا النهج يستهدف إنشاء "قائمة سوداء" للفلسطينيين بناءً على تحليلات غير دقيقة، قد تؤدي إلى عمليات اعتقال واسعة.

اعتماد أعمى على الذكاء الاصطناعي

في حين يرى بعض الخبراء أن استخدام الذكاء الاصطناعي قد يُحسّن فعالية الاستخبارات العسكرية، يحذر آخرون من مخاطره الجسيمة، ووفقًا لأوري جوشن، الرئيس التنفيذي لشركة AI21 Labs، فإن هذه النماذج تعمل بآلية "التخمين الذكي"، لكنها معرضة لما يسمى بـ"الهلوسة"، أي إنتاج استنتاجات خاطئة قد تؤدي إلى اتهامات غير صحيحة ضد أشخاص أبرياء.

كشفت مصادر استخباراتية إسرائيلية أن الجيش يستخدم بالفعل نماذج ذكاء اصطناعي أصغر لتحديد الفلسطينيين الذين يُشتبه في نيتهم المشاركة في المظاهرات أو أعمال المقاومة، تُستخدم هذه الأدوات لتوجيه عمليات الاعتقال، ويمكن للقادة العسكريين الآن اختيار "المشتبه بهم" من قاعدة بيانات مترجمة إلى العبرية دون الحاجة إلى الاعتماد على مترجمين أو محللين بشريين.

نموذج ChatGPT الإسرائيلي

على عكس النماذج الأصغر، يعتمد النموذج الكبير الذي تطوره الوحدة 8200 على ملايين المحادثات باللغة العربية التي تم اعتراضها من الفلسطينيين، ووفقًا لمصدر أمني: "حتى المحادثات العادية التي لا تحمل أي قيمة استخباراتية تُعتبر ذات أهمية لأنها تساعد في تدريب النموذج على تحليل وفهم اللهجات المحلية".

على الرغم من أن وكالات استخبارات دولية، مثل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) ونظيرتها البريطانية، تعمل على تطوير أدوات ذكاء اصطناعي خاصة بها، فإن مصادر أمنية أمريكية وبريطانية أكدت لمجلة "+972" أن إسرائيل تتخذ نهجًا أكثر عدوانية في استخدام هذه التقنيات.