الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الرهان الخطر.. ترامب يغامر باقتصاد أمريكا في معركة الرسوم الجمركية

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ توليه السلطة في يناير الماضي، حربًا تجارية جديدة مع جارتيه كندا والمكسيك، من خلال فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على وارداتهما، ما أدى إلى حالة من الارتباك والقلق في الأسواق المالية والصناعات المختلفة في ظل غياب استراتيجية واضحة.

لكن بعد يومين فقط من إعلان فرض الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك، وفي أعقاب ردود الفعل السلبية من الأسواق، تراجع ترامب جزئيًا عن قراره بمنح صناعة السيارات وقطع الغيار مهلة شهر واحد قبل تطبيقها.

ورقة ضغط أم مصلحة

وفي هذا الصدد، أشارت صحيفة "بوليتيكو" إلى تضارب الدوافع لدى الرئيس الأمريكي، بين حساسيته المعهودة تجاه تقلبات أسواق الأسهم وشغفه باستخدام الرسوم الجمركية كأداة رئيسية للضغط على الحكومات الأجنبية.

ونقلت الصحيفة عن السيناتور الجمهوري من ولاية كنتاكي راند بول: "لا أعرف ما هي خطة الإدارة، إذا كانوا يستخدمون الرسوم الجمركية كورقة ضغط، فمن الأفضل في رأيي التهديد بها والتفاوض ثم اتخاذ قرار بفرضها أو عدم فرضها".

وأضاف: "المشكلة في استخدامها كأداة للتفاوض هي أنهم تفاوضوا بالفعل، المكسيك قدمت لهم شيئًا، ومع ذلك لا يزالون يفرضونها، لا يبدو أنها مفاوضات صادقة".

انقسام داخلي وارتباك خارجي

ولفتت "بوليتيكو" إلى وجود انقسامات واضحة داخل دائرة مستشاري ترامب، الذين أمضوا معظم أحد الأيام في مناقشة ما إذا كان ينبغي تخفيف آثار الحرب التجارية على الصناعات الأمريكية والمستهلكين وإلى أي مدى.

ونقلت الصحيفة عن شخص مقرب من الإدارة الأمريكية قوله: "إنه أعظم عرض على وجه الأرض، نفرض رسومًا جمركية الليلة، لكن غدًا نخبركم بأننا قد نتفاوض ونلغيها، لكن ابقوا متابعين، لأنك لا تعرف أبدًا ما سيأتي به الغد".

هذا التوتر ينعكس أيضًا بين كبار المسؤولين في إدارة ترامب، فبينما ظهر وزير التجارة هوارد لوتنيك، على بلومبرج، للتلميح إلى إعفاءات لقطاع السيارات في محاولة لتهدئة الأسواق، كان مستشار التجارة في البيت الأبيض بيتر نافارو، يظهر على شبكة CNN، مُقلِلًا من أهمية ردود فعل الأسواق تجاه الحرب التجارية، قائلًا: "لدينا يومان من التقلبات في الأسواق، والجميع يشتعل رأسه".

بين مكافحة المخدرات والحماية التجارية

وأثار تضارب التبريرات الرسمية للرسوم الجمركية حالة من الارتباك حول أهدافها الحقيقية، فبينما أكد مساعدو ترامب أنها تهدف إلى وقف تدفق مخدر الفنتانيل عبر الحدود الأمريكية، تشير تصريحات الرئيس نفسه إلى أهداف حمائية أوسع.

خلال مؤتمر صحفي، أشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفات إلى ضبطيات مخدر الفنتانيل على الحدود الشمالية خلال السنة المالية الماضية كمبرر للرسوم الجمركية على كندا، لكنها لم تحدد الإجراءات المستقبلية المطلوبة.

في الوقت نفسه، قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن أقل من 1% من عمليات العبور غير القانونية وضبطيات مخدر الفنتانيل كانت على الحدود الكندية، ومع ذلك فإن كندا تمضي قدمًا في خطة لاستثمار 1.3 مليار دولار في أمن الحدود.

أما ترامب نفسه، فكرر -خلال خطابه أمام جلسة مشتركة للكونجرس- اعتقاده بأن عدم فرض رسوم جمركية يعني أن الولايات المتحدة تدفع "إعانات" لكندا والمكسيك، مضيفًا: "الولايات المتحدة لن تفعل ذلك بعد الآن".

تداعيات واسعة

يأتي عدم اليقين الاقتصادي في وقت لا يزال فيه الأمريكيون قلقين بشأن ارتفاع الأسعار، مع استطلاعات الرأي التي تظهر أن الناس لا يعتقدون أن الإدارة تفعل ما يكفي لمعالجة الاقتصاد.

وخلال خطابه في الكونجرس، اعترف ترامب بأن الرسوم الجمركية ستسبب "اضطرابًا صغيرًا" في الأسعار، مع وعد بتحقيق مكاسب اقتصادية على المدى الطويل.

ونقلت "بوليتيكو" عن خبراء في التجارة تحذيرهم من تأثير هذه السياسات على الصناعات الأمريكية، إذ قالت تيفاني سميث، نائبة رئيس سياسة التجارة العالمية في المجلس الوطني للتجارة الخارجية: "من الواضح أن فترة التوقف مُرحَّب بها، لكن هذا التناوب المستمر بين فرض الرسوم وإلغائها يصعِّب على الشركات التي تحاول اتخاذ قرارات التوريد والتسعير في الوقت الفعلي".

كما حذر كايل جونسون، مدير سياسة التجارة في مجلس صناعة تكنولوجيا المعلومات، من أن بيئة عدم اليقين الاقتصادي تُهدد بوضع الولايات المتحدة خلف المنافسين العالميين، مشددًا على أن "الشركات تعتمد على الاستقرار واليقين من أجل الابتكار والمنافسة".

وأثارت هذه القرارات غضب المزارعين في وسط أمريكا الذين لعبوا دورًا محوريًا في انتخاب ترامب، وقال السيناتور الجمهوري من ولاية أركنساس جون بوزمان: "ترامب أصبح رئيسًا بفضل أمريكا الريفية.. لذلك لا أعرف لماذا ترغب في فعل أي شيء يجعل الأمور أكثر صعوبة، والأمور صعبة جدًا على المزارعين حاليًا".