تنطلق اليوم في العاصمة الفرنسية باريس فعاليات "قمة العمل على الذكاء الاصطناعي"، وسط تنافس محموم بين القوى العالمية للسيطرة على مستقبل هذه التقنية التي باتت تشكل ملامح عصرنا الحديث، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من اشتداد المنافسة التكنولوجية بين واشنطن وبكين، وفي هذا الصدد تكشف صحيفة "لوموند" الفرنسية كواليس هذا الحدث العالمي وأبعاده الاستراتيجية.
معركة التقنية تشتعل
تحولت قاعات مركز المؤتمرات في باريس إلى ساحة لقاء عالمية تجمع نخبة صنّاع القرار والتكنولوجيا، حيث يشارك في القمة أكثر من ألف شخصية بارزة من قادة الدول والشركات العملاقة والباحثين وممثلي المنظمات غير الحكومية.
وتكشف "لوموند" أن القمة تشهد حضورًا لافتًا لعمالقة التكنولوجيا الأمريكيين، وعلى رأسهم شركة Open AI التي أحدثت ثورة في عالم الذكاء الاصطناعي بإطلاق Chat GPT، إلى جانب Meta وGoogle.
وفي مشهد يعكس حدة المنافسة العالمية، يحضر القمة نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس، ونائب رئيس الوزراء الصيني دينج شوشيانج، في لقاء نادر بين القوتين المتنافستين على عرش التكنولوجيا العالمية.
كما تشارك مجموعة من الشركات الفرنسية الواعدة في هذا المجال مثل Mistral وHelsing، في محاولة لتأكيد الحضور الأوروبي في هذا السباق المحتدم.
مسار ثالث في عالم ثنائي القطب
في خطوة دبلوماسية ذكية، قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشاركة رئاسة القمة مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أن هذا التحالف يمثل محاولة جريئة لكسر الهيمنة الأمريكية-الصينية على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتنقل "لوموند" عن آن بوفيرو، المبعوثة الخاصة للرئيس الفرنسي إلى القمة، تأكيدها أن "هذه الشراكة تفتح الباب أمام مسار تنموي جديد للدول الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع أوروبا".
وفي تصريحات نقلتها الصحيفة، تساءل ماكرون: "هل سنقبل أن نكون مجرد متفرجين على معركة بين الولايات المتحدة والصين، أم سنناضل من أجل استقلالنا التكنولوجي؟".. في إشارة واضحة إلى رفض التبعية التقنية لأي من القطبين العالميين.
مشاريع ضخمة
كشفت "لوموند" عن إطلاق مشروع فرنسي طموح يتمثل في تأسيس مؤسسة للذكاء الاصطناعي "للمصلحة العامة" باستثمارات تصل إلى 2.5 مليار يورو.
ويهدف هذا المشروع الضخم إلى تطوير حلول تقنية في مجالات حيوية تهم المجتمعات العربية والعالمية، مثل الرعاية الصحية والبحث العلمي والتعددية اللغوية والإعلام.
تحديات تنظيمية
يواجه العالم تحديات كبيرة في تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، وفي هذا الصدد تشير "لوموند" إلى موقف شركة Meta المثير للقلق برفضها الالتزام بقواعد التنظيم الأوروبية للذكاء الاصطناعي، ما يثير مخاوف من تراجع الجهود العالمية لضبط هذه التقنية الواعدة.
وتختتم "لوموند" بنقل رسالة تفاؤل حذر من قصر الإليزيه، حيث تؤكد المصادر الفرنسية أن "المعركة في مجال الذكاء الاصطناعي لم تحسم بعد".
وتشير إلى أن التطورات السريعة في هذا المجال قد تغير موازين القوى العالمية في أي لحظة، ما يفتح الباب أمام دول المنطقة العربية والعالم النامي للمشاركة في تشكيل مستقبل هذه التقنية الثورية.