تسبب النقص الحاد في أعضاء قطاع التمريض في حدوث تراجع في خدمات الرعاية الصحية في أوروبا، حيث تواجه القارة العجوز "تسونامي" من الأزمات المعقدة في القطاع الصحي متمثلة في الاحتجاجات والإضرابات المستمرة للأطباء وأفرد التمريض وأيضًا رجال الإسعاف، ما أدى إلى ظهور طوابير من المرضى والحالات الحرجة في انتظار من لمسة من ملائكة الرحمة.
بريطانيا
يضطر مريض واحد من بين كل خمسة مرضى تنقلهم سيارات الإسعاف للانتظار أكثر من ساعة قبل دخول الطوارئ في بريطانيا، بينما يضطر الآلاف للانتظار بعد دخولهم الطوارىء لأكثر من 12 ساعة قبل تلقي الرعاية اللازمة، بسبب معاناة القطاع الطبي البريطاني من تداعيات وباء كورونا وسياسة التقشف في الموازنة، بحسب مكتب الإحصاء الوطني، إضافة إلى إضراب العديد من الطواقم الطبية للمطالبة بزيادة الأجور فوق معدلات التضخم وتحسين الدخل.
فيما أشارت صحيفة "ذا ميرور" البريطانية إلى أن بعض مرضى الخدمة الصحية الوطنية يُتركون على قوائم الانتظار لأكثر من 1000 يوم لإجراء الجراحة الروتينية.
من بين 59 مستشفى تابعًا للخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، استجابت لطلبات حرية المعلومات، كان هناك 14 مريضًا ينتظرون 1000 يوم أو أكثر لتلقي العلاج.
إسبانيا
وفقًا لوزارة الصحة الإسبانية، ينتظر 70 ألف شخص في إسبانيا إجراء العمليات الجراحية نتيجة لإضراب واسع النطاق من قبل الأطباء، بسبب العمل الإضافي غير المدفوع الأجر.
تركز الكثير من الاستياء على منطقة مدريد، حيث نزل ما لا يقل عن 200 ألف فرد من القطاع الطبي إلى الشوارع في منتصف نوفمبر الماضي للدفاع عن الرعاية الصحية العامة ضد الخصخصة الزاحفة، وللتعبير عن القلق بشأن إعادة هيكلة الحكومة الإقليمية لنظام الرعاية الأولية.
فرنسا
وبحسب وزيرة الصحة الفرنسية، فإن 87% من الفرنسيين يعانون من "صحراء طبية"، حيث تعاني المستشفيات الفرنسية، خاصة في غرف الطوارئ، من نقص حاد في عدد الأطباء، وقطاع التمريض.
ويفتقر 30٪ من الفرنسيين إلى الرعاية الصحية الكافية، ويعيش ما يقرب من 6 ملايين شخص بدون طبيب، وفقًا لصحيفة "لو فيجارو".
بسبب القوانين الفرنسية التي تحدد عدد الطلاب المقبولين في كليات الطب كل عام بـ 6 آلاف طالب، فيما تظهر الإحصائيات أن نصف الممارسين العامين في فرنسا فوق سن الستين.
ألمانيا
تسبب الفيروس المخلوي التنفسي لدى الأطفال في حالة من القلق بألمانيا، حيث كشف عن عيوب في القطاع الصحي بالبلاد، وخطورة النقص المزمن بأعداد أفراد القطاع الطبي وحجم الاستقالات الجماعية على خلفية الإرهاق ونقص الأجور، بوجود 23 ألف وظيفة شاغرة في المستشفيات الألمانية خاصة في أقسام العناية المركزة وغرف العمليات وبين الأطباء والممرضين، بحسب ما أفادت جمعية المستشفيات الألمانية، وفقًا لـ"دير شبيجل".
إيطاليا
وبحسب نائب رئيس نقابة الأطباء الإيطاليين، فإن بلاده تعاني من تخلي الأطباء عن القطاع العام وتحولهم إلى القطاع الخاص، ما أدى إلى ثغرات مخيفة، خاصة في وحدات الطوارئ.
فيما لجأت الحكومات الإقليمية لتوقيع عقود مع الأطباء المستقلين لتغطية نوبات العمل في المستشفيات عند الحاجة، مما يسلط الضوء على تدني رواتب قطاع الصحة العامة في إيطاليا، وفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية.
النمسا
وفي النمسا، أشارت هيئة الإذاعة النمساوية، إلى أنه بحسب دراسة استقصائية أجرتها جمعية فيينا الطبية، فإن أكثر من ثلثي الأطباء بفيينا، يفكرون "بجدية" في الاستقالة، مستشهدة بالمشكلات التي تبدو مستعصية على الحل مثل العمل لساعات إضافية ونقص عدد الموظفين.
واشتكى ثلاثة من كل أربعة أطباء شملهم الاستطلاع من أن عبء عملهم ثقيل للغاية، بينما ادعى ربعهم أن صاحب العمل لم يوفر فترات الراحة المطلوبة.
جهود سد الفجوة
أشار تقرير منظمة الصحة العالمية في أوروبا إلى أن الجهود المبذولة لسد العجز في فجوة العمال المتقاعدين كانت بالفعل "دون المستوى الأمثل"، لكن يتعين الآن توسيع نطاقها بشكل عاجل "لتحسين الاستبقاء ومعالجة الزيادة المتوقعة في الشباب الذين يتركون القوى العاملة بسبب الإرهاق وسوء الصحة والاستياء العام".
وقال التقرير إنه في ثلث دول المنطقة، كان 40٪ على الأقل من الأطباء يبلغون من العمر 55 عامًا أو أكثر، حتى عندما بقي الممارسون الأصغر سنًا على الرغم من الإجهاد وساعات العمل الطويلة والأجور المنخفضة في كثير من الأحيان ، فإن إحجامهم عن العمل في المناطق الريفية النائية أو المدن الداخلية المحرومة قد خلق "صحارى طبية" كان من المستحيل سدها تقريبًا.