كشفت تحقيقات إسرائيلية موسعة عن تفاصيل مثيرة وخطيرة حول دور سلاح الجو الإسرائيلي في أحداث السابع من أكتوبر، إذ أظهرت معلومات وردت في تقارير عبرية أن قيادة سلاح الجو تلقت مؤشرات خطيرة مبكرة حول الهجوم المرتقب، في تناقض صارخ مع الادعاءات السابقة التي نفت مشاركة سلاح الجو في المناقشات الحاسمة قبل وبعد الهجوم، ما يثير تساؤلات جوهرية حول مدى جاهزية القوات الجوية الإسرائيلية واستعدادها للتعامل مع التهديدات الأمنية في تلك الفترة الحرجة.
تسلسل الإخفاقات والتجاهل المتعمد للإنذارات
وأشارت التقارير الإسرائيلية إلى سلسلة من الأحداث المتتالية التي سبقت الهجوم مباشرة، بدأت تتكشف في الساعات الأولى من فجر السابع من أكتوبر.
وبحسب موقع "واللا" العبري، فإنه في تمام الساعة 06:29 صباحًا، أُبلغ القادة العسكريون بالتطورات الميدانية الخطيرة، وبعد سبع دقائق فقط، أجرى قائد سلاح الجو تومر بار اتصالًا مباشرًا مع رئيس الأركان الإسرائيلي المستقيل هرتسي هاليفي.
وفي خطوة تأخرت كثيرًا عن موعدها، تم الإعلان رسميًا في الساعة 07:05 عن الانتقال إلى حالة الحرب، وصرح المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن سلاح الجو كان في أقصى درجات الجاهزية العملياتية، وهو ما تناقضه الوقائع والأحداث اللاحقة.
وفي كشف خطير، أوردت صحيفة "يسرائيل هيوم" معلومات تفصيلية تفيد بأن سلاح الجو الإسرائيلي رصد خلال ليلة 7 أكتوبر "مؤشرات مشبوهة" تتعلق بالطائرات المُسيّرة التي تمتلكها حماس، بما فيها الطائرات الانتحارية.
ورغم خطورة هذه المعلومات ونقلها إلى مركز التحكم في سلاح الجو وجيش الاحتلال، إلا أنها لم تحظ بالاهتمام الكافي، ما يشير إلى خلل خطير في تقييم التهديدات وإدارة المخاطر الأمنية.
انقسامات داخلية وصراعات على المسؤولية
أظهرت التحقيقات التي نشرها موقع "واللا" وجود انقسامات عميقة وخلافات حادة داخل قيادة جيش الاحتلال، خاصة في ما يتعلق بتفسير المعطيات الاستخباراتية في الساعات الأولى من الهجوم.
وكشفت مصادر مطلعة على التحقيقات للموقع العبري، أن الساعات الأولى من الحرب شهدت حجمًا غير مسبوق من المحادثات والاتصالات بين رئيس قسم العمليات وضباط سلاح الجو، في محاولة لتقييم الموقف وتحديد طبيعة التهديد.
وفي تطور لافت، أشارت التقارير إلى أن "هاليفي" وقائد القيادة الجنوبية يارون فينكلمان، ناقشا صباح ذلك اليوم المعلومات الواردة من غزة في محاولة لتقييم نوايا حماس، لكن لم يتم إشراك رئيس شعبة العمليات، عوديد باسيوك، في هذه المناقشات الحاسمة، الذي انضم إلى المحادثة بمبادرة شخصية منه في وقت لاحق، ما يشير إلى خلل واضح في سلسلة القيادة والسيطرة.
القدرات العسكرية المفاجئة لحماس
كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن حماس، رغم عدم امتلاكها قوة جوية متطورة بالمعنى التقليدي، كانت تمتلك قبل الهجوم عشرات الطائرات المُسيّرة الصغيرة، التي تم تهريب بعضها إلى قطاع غزة بعد تصنيعها في إيران.
واستخدمت هذه الطائرات في مهام متعددة، من الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية إلى تنفيذ ضربات دقيقة كطائرات انتحارية.
وأشار التقرير إلى أنه في الساعات الأولى من السابع من أكتوبر، رصد سلاح الجو الإسرائيلي نشاطًا "غير معتاد" يرتبط بسلاح الجو التابع لحماس.
ونقلاً عن مسؤول مطلع على التفاصيل، فإن صعوبة تحليل هذه المؤشرات في الوقت الفعلي حالت دون اعتبارها إشارة واضحة على هجوم وشيك.
وأضاف المسؤول في تصريح لافت: "كنا نعلم أن هناك شيئًا غير عادي يحدث، لكن لم نتمكن من تحديد طبيعته".
الاعتراف بالفشل
في تطور يعكس حجم الكارثة، اعترف المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي صراحة بأن "الجيش، بما في ذلك القوات الجوية، فشل في مهمته في 7 أكتوبر".
وحاول المتحدث تخفيف وطأة هذا الاعتراف بالتأكيد على أن سلاح الجو كان على أتم الاستعداد، ونفذ مئات الغارات ضد المسلحين في محيط المستوطنات وفي مناطق أخرى، مضيفًا أن التحقيقات لا تزال جارية وأن التفاصيل الواردة في التقرير لا تمثل النتائج الرسمية الكاملة لتحقيقات جيش الاحتلال.
وبحسب التقارير، فإن الاستجابة العسكرية الإسرائيلية بدأت متأخرة، حيث شرعت القوات الجوية في تنفيذ هجمات ضد أهداف تابعة لحماس في الساعة 07:15 صباحًا، وبحلول الساعة 11:00 صباحًا، كان قد تم تنفيذ أكثر من 150 هجوماً.
ومع ذلك، تزعم مصادر عسكرية أن الرسائل الأولية التي وردت إلى سلاح الجو لم تكن واضحة بشأن طبيعة التهديد، وأن بعض الرسائل أشارت إلى ضرورة انتظار "تقييم الوضع" الذي كان من المقرر عقده في الساعة 08:00 صباحًا، في إشارة إلى البيروقراطية العسكرية التي أعاقت سرعة الاستجابة للتهديد.