شارك عدد من الفنانين في ندوة “الفن والإبداع ومعركة بناء الوعي”، التي أُقيمت اليوم الجمعة ضمن فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، منهم النجمة حنان مطاوع، التي عبرت عن سعادتها بالمشاركة في المعرض، مؤكدة أن مصر لا تزال بخير بفضل تقديرها للثقافة والفنون.
شددت "مطاوع" على أن الفن يعد مرآة المجتمع التي تعكس الواقع بإيجابياته وسلبياته، وأداة فعّالة في دق ناقوس الخطر عند الحاجة.
وتطرقت الممثلة المصرية إلى الحديث عن القضية الفلسطينية، مؤكدة أنها ستظل في وجدان المصريين، قائلة: "الشعب المصري لن يقبل بتهجير الفلسطينيين من أرضهم، ولن يسمح بأن يكون مصيرهم خارج وطنهم".
وحول أبرز التحديات التي تواجه الفن، أوضحت "مطاوع" أن تحكم رأس المال في الإنتاج الفني يفرض قيودًا على تنوع الأعمال، إلا أن الدولة المصرية بدأت مؤخرًا في التدخل لضبط المشهد الفني وإعادة التوازن.
وأكد الممثل أيمن الشيوي أن القضية الفلسطينية كانت دائمًا حاضرة في المسرح المصري والعربي، سواء عبر مسارح الجامعات والمدارس أو من خلال الثقافة الجماهيرية.
وأوضح أن المسرح، مقارنة بالسينما والتلفزيون، يتمتع بقدر أكبر من الحرية في تناول القضايا الحساسة، ما يجعله أكثر قدرة على التعبير عن القضية الفلسطينية.
مئوية موسى صبري
ضمن محور "شخصيات مصرية"، أُقيمت ندوة للاحتفاء بمرور 100 عام على ميلاد الكاتب الصحفي موسى صبري، إذ قال الكاتب الصحفي أسامة السعيد إن الراحل له تكوين شخصي مختلف، وأبرز ملامح هذا التكوين هو التسامح الديني، لافتًا إلى أن العصر السياسي الذى عاصره موسى صبري ومنه الحرب العالمية الثانية، ساعد في تكوينه المسكون بالوطنية المصرية.
ووصف الكاتب الصحفي محمد بركات، موسى صبري بأنه كان شديد التواضع، ونجح في صنع تجربته الصحفية وسط عمالقة في الصحافة المصرية، فيما قال الكاتب الصحفي طارق الطاهر إن من أبرز سماته، أنه حدد لنفسه هدفا بعيدًا عن الذاتية ولصالح الوطن.
التراث والهوية الوطنية
وخلال ندوة بعنوان "مصر واستراتيجيات الدفاع عن التراث والهوية الوطنية"، قال الدكتور عمر المعتز بالله، أستاذ تاريخ الفن المصري القديم إن التراث هو الإرث الثقافي الذي نحمله من الماضي وننقله إلى الأجيال القادمة، مؤكدًا أن الحفاظ عليه لا يقتصر فقط على التوثيق، بل يتطلب ممارسة دائمة لإبقائه حيًا.
وتطرق إلى فن التحطيب، مشيرًا إلى أنه أحد أشكال التراث المصري الحي، حيث يُمارَس في صعيد مصر منذ آلاف السنين كفن قتالي واستعراضي، وهو ما يؤكد أن التراث إذا لم يكن جزءًا من الحياة اليومية، فسيكون من الصعب الحفاظ عليه.
ونوه "المعتز بالله" إلى أن متحف الحضارة يعمل حاليًا على توثيق التراث الغذائي المصري، موضحًا أن بعض الأكلات التي يعتقد المصريون أنها محلية، ليست ذات أصول مصرية، وهو ما يستدعي زيادة الوعي حول تراث المطبخ المصري الحقيقي.
الشاعر الإيطالي "أونجاريتي"
وسلطت ندوة "الشاعر الإيطالي أونجاريتي.. عاش في الإسكندرية فعاشت فيه"، الضوء على تأثير الإسكندرية في شعر ووجدان جوزيبي أونجاريتي الذي وُلِد بها عام 1888، وقال الدكتور حسين محمود، أستاذ الأدب الإيطالي، إنه لا يمكن تقديم أونجاريتي كشاعر إيطالي فقط، لأنه كان يردد دائمًا أنه مصري، بل إسكندراني تحديدًا.
وأشار إلى أن الكاتب محمود الشيخ كتب عنه في كتابه "الشعراء الطليان"، واصفًا إياه بأنه "صاحب البيت الحر"، نظرًا لتأثره بالأدب الفرنسي وسعيه الدائم إلى التجديد، إلا أن "الشيخ" خالف هذا الرأي، معتبرًا أن أونجاريتي كان يعبر عن حاجاته الشعرية المستوحاة من حياته في الإسكندرية، خاصة أنه عاش حياة فوضوية وبوهيمية، ما جعله يرفض القوالب الشعرية التقليدية التي قد تعوق تعبيره عن ذاته.
وأضاف أن هناك شاعريْن إيطالييْن بارزيْن وُلِدا في الإسكندرية في الحقبة ذاتها، هما جوزيبي أونجاريتي وفيليبو توماسو مارينيتي، مشيرًا إلى أن الأول تبنى الحركة الهرمسية، بينما أسس الثاني المستقبلية الإيطالية.
عروض فنية
وتواصلت العروض الفنية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، إذ قدمت فرقة محمد عبد الوهاب للموسيقى العربية، عرضًا استعاد فيه الجمهور روائع الزمن الجميل، وسط أجواء طربية أصيلة، فيما قدمت فرقة الإنشاد الديني، أداءً روحانيًا مميزًا عبر مجموعة من الابتهالات والأناشيد التي لامست القلوب.
وأبهرت فرقة عمان للفنون الشعبية الحضور بعرض تراثي مزج بين الفنون العمانية والشرقية والخليجية، وسط تفاعل جماهيري كبير، وأُقيم أيضًا عرض موسيقي لفرقة أنغام الشباب.