الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

معضلة ترامب.. "ديب سيك" الصينية تتحدى مشروع "ستارجيت" الأمريكي

  • مشاركة :
post-title
تطبيق "ديب سيك" والرئيس الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

هزّت شركة صينية ناشئة عالم التكنولوجيا هذا الأسبوع بإطلاقها تطبيقًا للذكاء الاصطناعي، يُضاهي أحدث التقنيات الأمريكية المُتطورة بتكلفة منخفضة؛ مما يُشكل تحديًا مباشرًا لسياسات الرئيس دونالد ترامب التكنولوجية، وخاصة مشروعه الطموح "ستارجيت" البالغ تكلفته 500 مليار دولار لتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، في حين أن هذا التطور المفاجئ، الذي كشفت عنه صحيفة "بوليتيكو"، يأتي في وقت حساس مع تولي ترامب مقاليد الحكم مجددًا بعد فوزه في انتخابات نوفمبر 2024، ويثير تساؤلات جوهرية حول جدوى الاستثمارات الضخمة في مشاريع مثل "ستارجيت"، في ظل قدرة الشركات الصينية على تحقيق تقدم مماثل بتكلفة أقل بكثير.

المنافسة التكنولوجية

نجحت شركة "ديب سيك" (DeepSeek) الصينية في تحقيق إنجاز تكنولوجي استثنائي، إذ أطلقت مساعدًا ذكيًا يتفوق في بعض المعايير على منتجات شركة OpenAI الأمريكية الرائدة.

وبحسب ما كشفت عنه بوليتيكو، فإن التطبيق الجديد لم يقتصر نجاحه على الأداء التقني فحسب، بل تصدر أيضًا قائمة التطبيقات الأكثر تحميلًا على متجر آبل العالمي؛ مما أدى إلى اهتزاز ثقة المستثمرين في كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية وتراجع أسهمها بشكل حاد في وول ستريت.

ويعكس هذا التطور تحولًا جذريًا في موازين القوى التكنولوجية العالمية، خاصة أن الشركة الصينية استطاعت تحقيق هذا الإنجاز، رغم القيود الأمريكية المشددة المفروضة على تصدير التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين.

معادلة اقتصادية تقلب المفاهيم

كشفت بوليتيكو عن معطيات مثيرة تتعلق بالتكلفة الاقتصادية لهذا الإنجاز التكنولوجي، إذ استطاعت الشركة الصينية تطوير نموذجها المتقدم بتكلفة لا تتجاوز 5.6 مليون دولار فقط، مُستخدمة رقائق إلكترونية من الدرجة الثانية من شركة Nvidia، وهذا الرقم بحسب ما تُشير الصحيفة يبدو متواضعًا للغاية مقارنة بالاستثمارات الضخمة التي تضخها الشركات الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل شركة Meta التي تنفق 65 مليار دولار سنويًا في هذا المجال.

وعلى الرغم من تشكيك بعض الخبراء الأمريكيين في دقة هذه الأرقام، فإن التكلفة تظل منخفضة بشكل صادم، حتى لو تمت مضاعفتها مئة مرة.

توضح بوليتيكو أن هذا التطور يضع علامات استفهام كبيرة حول جدوى مشروع "ستارجيت" الضخم الذي يدعمه الرئيس ترامب بتكلفة تصل إلى 500 مليار دولار لتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.

ديب ديسك
تداعيات سياسية وأمنية

تكتسب هذه التطورات أهمية خاصة في ظل السياق السياسي الحالي، حيث يواجه الرئيس ترامب، الذي تولى مقاليد الحكم مؤخرًا، تحديًا مباشرًا لسياساته التكنولوجية المتشددة تجاه الصين.

وتنقل بوليتيكو عن ديفيد ساكس، مستشار ترامب لشؤون الذكاء الاصطناعي، قوله إن هذا التطور يُؤكد صحة قرار ترامب بإلغاء الأمر التنفيذي السابق للرئيس بايدن، مُشددًا على أن السباق في مجال الذكاء الاصطناعي سيكون تنافسيًا للغاية.

في المقابل، يرى مارك أندريسن، رجل الأعمال المقرب من ترامب، أن نجاح "ديب سيك" يمثل "لحظة سبوتنيك" جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، في إشارة إلى اللحظة التاريخية التي تفوق فيها الاتحاد السوفيتي على أمريكا بإطلاق أول قمر صناعي في العالم عام 1957، مما دفع الولايات المتحدة إلى مضاعفة استثماراتها في مجال العلوم والتكنولوجيا.

ويرى أندريسن أن التطور الصيني الحالي، يجب أن يدفع أمريكا إلى استجابة مماثلة في مجال الذكاء الاصطناعي.

رؤية مستقبلية للمنافسة

تختم بوليتيكو بتحليل عميق لمستقبل المنافسة التكنولوجية بين القوتين العالميتين، إذ إنه وفقًا لجريجوري ألين، مدير مركز وادواني للذكاء الاصطناعي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن الابتكار الصيني يعتمد بشكل أساسي على آلية تقنية تسمح باستخراج المزيد من "نقاط الذكاء" من كل رقاقة إلكترونية.

ومع ذلك، يؤكد ألين أن الولايات المتحدة لا تزال تتمتع بميزة تنافسية كبيرة بفضل قدرتها على إنتاج كميات ضخمة من الرقائق المتطورة، في حين تظل الصين مقيدة بالعقوبات الأمريكية في هذا المجال.

ويُشير بيل دريكسل، الخبير في مركز الأمن الأمريكي الجديد، إلى أنه رغم النجاح المفاجئ للصين في تجاوز بعض الفجوات التكنولوجية بسرعة أكبر من المتوقع، إلا أنها ستظل تواجه تحديات كبيرة في المنافسة خلال السنوات القادمة.

ويأتي هذا التطور في وقت حساس، حيث أمر الرئيس ترامب الوكالات الفيدرالية بدراسة الثغرات المحتملة في القيود الحالية وتقديم تقرير بحلول الأول من أبريل؛ مما قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في السياسة الأمريكية تجاه التكنولوجيا الصينية.