الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مبعوث أوكرانيا في الشرق الأوسط: نتطلع لتعزيز وجودنا في القارة السمراء

  • مشاركة :
post-title
المبعوث الأوكراني الخاص بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا الدكتور مكسيم صبح

القاهرة الإخبارية - محمد صبحي

مع اشتعال الأزمة الأوكرانية، منذ فبراير الماضي، وما تبعها من تأثيرات على العالم أجمع، وتحديدًا القارة السمراء، كان لـ"القاهرة الإخبارية" هذا الحوار مع الدكتور مكسيم صبح، المبعوث الأوكراني الخاص بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، للحديث عن قضايا متعددة.

وإلى نص الحوار..

أبدت أوكرانيا أخيرًا اهتمامًا كبيرًا بإفريقيا وتحدث الرئيس الأوكراني عن توسع سياسي ودبلوماسي كبير في القارة السمراء.. ما خطتكم في هذا الصدد؟

نعتزم توسيع رقعة وجودنا السياسي والدبلوماسي في القارة السمراء، خلال عام 2023، وهذا ما تحدث عنه الرئيس زيلينسكي في ديسمبر الماضي، من خلال إنشاء سفارات جديدة في 10 دول إفريقية، بجانب السفارات الموجودة حاليًا، وذلك تحت مسعى الحكومة الأوكرانية، لتنويع الحوار السياسي مع مختلف البلدان الإفريقية، وخاصة الواقعة جنوب الصحراء، إذ لم يكن لأوكرانيا أي وجود دبلوماسي منذ حصولها على الاستقلال عام 1991، ونظرًا لوتيرة التنمية المتسارعة والنفوذ السياسي المتزايد للدول الإفريقية على الساحتين السياسية والاقتصادية العالميتين وكان من الضروري استحداث نهج أوكراني، وإعادة بناء العلاقات مع الدول الإفريقية بصيغ جديدة على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف.

ما أهداف أوكرانيا من هذا التوسع؟

تتجلى مصلحة أوكرانيا في زيادة تعاونها مع البلدان الإفريقية من خلال عدة عوامل، أولها التأثير المتنامي لإفريقيا على تطور المشهدين الجيوسياسي، والجيواقتصادي العالميين، لا سيما في ضوء اكتشاف مكامن جديدة للغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط وإفريقيا الشرقية، أيضًا حتمية مواجهة الدعاية المضادة في بلدان القارة الإفريقية وتداعياتها على تعاون تلك الدول مع أوكرانيا.

بخلاف الأسباب السياسية.. ما أهداف أوكرانيا الأخرى؟

توفر إفريقيا سوقًا استهلاكية كبيرة للسلع والخدمات الأوكرانية في مجالات متعددة مثل الهندسة، والغذاء، ومنتجات الصناعات الكيميائية، والتعليم، والصحة، وتكنولوجيا المعلومات، إضافة إلى تميز دول القارة السمراء بصفتها مصادر واعدة لتوريد الطاقة والموارد المعدنية والمواد الخام للصناعات الغذائية، بالإضافة إلى آفاق واعدة تفسح المجال أمام مشاركة أوكرانيا في استحداث وصيانة منشآت الطاقة والنقل والبنية التحتية الصناعية التي شُيدت خلال الحقبة السوفيتية بمشاركة مكاتب التصميم وشركات البناء والتعمير الأوكرانية.

شهد عام 2022 مزيدًا من النشاط الأوكراني داخل القارة.. كيف ترى تطور العلاقات بين أوكرانيا والدول الإفريقية في 2022؟

منذ فبراير 2022، أجرى الرئيس الأوكراني 18 مكالمة هاتفية مع نظرائه الأفارقة، 9 منها كانت الأولى في تاريخ العلاقات الثنائية مع " غانا و غينيا بيساو وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا وساحل العاج وملاوي وموزمبيق والنيجر وبوتسوانا"، إلى جانب استقبال أومارو إمبالو رئيس غينيا بيساو والرئيس الحالي للتجمع الاقتصادي لدول غرب إفريقيا، في أوكرانيا أكتوبر الماضي، في أول زيارة رسمية قام بها زعيم دولة إفريقية تقع جنوب الصحراء إلى أوكرانيا منذ عام 2004.

بصفتك ممثلًا لأوكرانيا بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا حدثنا عن جهود الخارجية الأوكرانية بالقارة السمراء؟

أجرى دميتري كوليبا، وزير خارجية أوكرانيا، 35 محادثة هاتفية واجتماعًا مع زملائه ونظرائه الأفارقة، وفي أكتوبر 2022، قام بجولة إفريقية كانت هي الأولى لوزير خارجية أوكرانيا إلى منطقة جنوب الصحراء، شملت كلًا من السنغال وساحل العاج وغانا وكينيا، وشخصيًا بصفتي المبعوث الخاص لأوكرانيا إلى دول الشرق الأوسط، قمت بزيارة 5 دول إفريقية أخرى كإثيوبيا وجنوب إفريقيا وبوتسوانا والموزمبيق ونيجيريا، وتوصلنا إلى تفاهمات واتفاقات مهمة، خاصة في مجال الاقتصاد والتعليم، ويجب أن أشير إلى عدم تصويت أي دولة إفريقية ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت عنوان "وحدة أراضي أوكرانيا هي حماية لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة"، يعد أحد أكبر إنجازات السياسة الخارجية الأوكرانية في إفريقيا.

ما الأسباب التي دفعتكم نحو هذا التوجه؟

هناك أسباب دفعت أوكرانيا لتعزيز وجودها في إفريقيا، أولها غياب الحوار السياسي المنتظم مع دول القارة، إذ لم تشهد الفترة التي تلت حصول أوكرانيا على الاستقلال سوى 4 زيارات رسمية وزيارة دولة واحدة لرئيس أوكرانيا إلى البلدان الإفريقية، إلى جانب قلة عدد الاتفاقيات الثنائية المبرمة بين أوكرانيا وبلدان جنوب الصحراء تحديدًا، كما أن حجم الصادرات الأوكرانية غير مناسب للفرص التي تتيحها الأسواق الإفريقية.

ومن بين الأسباب التي دفعت أوكرانيا نحو إفريقيا، غياب اتفاقيات موقعة حول التجارة التفضيلية أو التجارة الحرة مع دول القارة، إلى جانب ضعف حضور رجال الأعمال الأوكرانيين في القارة السمراء وعدم وضوح الرؤية حول خوارزمية تعزيز الوجود الاقتصادي الأوكراني في الأسواق الإفريقية، ومن أبرز الأسباب، إزالة النقص في المعرفة وضعف الإلمام لدى القيادات السياسية والمجتمعات بالإمكانات العلمية والتقنية والإنتاجية العالية التي تزخر بها أوكرانيا.

وما أولوية أوكرانيا نحو إفريقيا خلال الفترة المقبلة؟

تعزيز وجودنا الدبلوماسي في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، إذ إن غياب شبكة من الممثلين الحكوميين وغير الحكوميين الأوكرانيين يجعل الناحية العملية صعبة لتطبيق العقيدة السياسية الخارجية لأوكرانيا في القارة الإفريقية على أرض الواقع.

تحدثتم عن خطة لافتتاح 10 سفارات جديدة بالقارة السمراء بخلاف مكاتب التجارة.. ما الدول التي ترغبون في فتح سفارات بها؟

يتم تحديد الدول في الوقت الحالي، لكن معظمها سيقع جنوب الصحراء وبعضها في البلدان العربية، ومن بين 54 دولة إفريقية توجد البعثات الدبلوماسية الأوكرانية في 10 دول إفريقية فقط، وذلك بمعدل 12٪ من إجمالي عدد السفارات الأوكرانية في العالم، و18٪ من التغطية الدبلوماسية لدول القارة، فحاليا توجد أوكرانيا بسفارات في البلدان الإفريقية التالية: الجزائر وأنجولا وإثيوبيا ومصرو كينيا والمغرب ونيجيريا وجنوب إفريقيا والسنغال وتونس.

ومن جانبه، أطلق الرئيس الأوكراني مبادرة تهدف إلى تعزيز التمثيل التجاري والاقتصادي لأوكرانيا في البلدان الإفريقية من خلال إنشاء ما يسمى بالبيوت التجارية الأوكرانية الإفريقية، وافتتاح فروع ومكاتب لها في مختلف العواصم الإفريقية والعربية، لا سيما في القاهرة، إذ إنه من المفترض أن توفر هذه المراكز، خدمات تجارية متكاملة بغية ضمان زيادة حجم الصادرات الأوكرانية من السلع والخدمات باتجاه القارة الإفريقية، وكذلك إقامة مشاريع واعدة ومساعدة الشركات الأوكرانية في تسيير نشاطاتها التجارية والاقتصادية.

ولماذا تتجه أوكرانيا نحو إفريقيا في هذا الوقت تحديدًا في ظل اشتعال الأزمة مع روسيا؟

إن أوكرانيا بحاجة إلى مزيد من الدعم الدولي، وكذلك بهدف تجسيد صيغة السلام التي قام الرئيس زيلينسكي بالإعلان عنها، وهي عبارة عن خطة طريق تتكون من عشرة بنود على روسيا الالتزام بها من أجل إحلال الأمن الشامل والسلام الدائم، وإقامة علاقات اقتصادية مستقرة مع جميع دول العالم، ولا سيما مع تلك التي تنتمي لما يعرف بالجنوب العالمي، لقد حان الوقت لتوسيع وجودنا الدبلوماسي في القارة الإفريقية إلى مستوى يسمح لنا بالتفاعل المباشر والتواصل الفعال بلا عوائق مع العواصم الإفريقية.

وتشمل خطتنا الطموحة لعام 2023 اتخاذ تدابير متعددة لزيادة حجم الصادرات الأوكرانية من السلع والخدمات إلى إفريقيا، وكذلك إنجاز مشاريع أوكرانية إفريقية مشتركة في مجالات التجارة والاقتصاد والاستثمار والتعاون العلمي والتقني والإنتاج.

ما أهمية مبادرة الحبوب من أوكرانيا؟

تلعب أوكرانيا دورًا مهمًا في سبيل توفير الأمن الغذائي للقارة الإفريقية وضمان عمل سلاسل الإمداد بالمواد الغذائية والطاقة والأسمدة، ومنذ نوفمبر الماضي، بعد إطلاق الرئيس الأوكراني للمبادرة، التي حظيت بدعم أكثر من 30 دولة ومنظمة دولية، وأسفرت عن جمع نحو 200 مليون دولار، لتقليل العبء الغذائي في القارة السمراء، واستطاعت أوكرانيا تصدير ما يزيد على 15 مليون طن من القمح وغيره من الحبوب الأخرى باتجاه مختلف أنحاء العالم، لا سيما إلى البلدان الإفريقية الأكثر تضررًا من آفة الجوع والكوارث الطبيعية، وأؤكد أن مبادرتنا بشأن تقديم الحبوب للبلدان الإفريقية المحتاجة هي مبادرة واضحة وشفافة بقدر ما هي مهمة للغاية، ونخطط لإرسال ما لا يقل عن 60 سفينة من الموانئ الأوكرانية باتجاه البلدان الأكثر تضررًا من أزمة الغذاء التي تحتاج إلى مساعدات عاجلة.

كيف ترى كييف دعوة الرئيس السيسي لإحلال السلام في أوكرانيا؟

بداية .. أود أن أتقدم بأطيب تمنياتي لجمهورية مصر العربية حكومة وشعبًا بمناسبة حلول السنة الميلادية الجديدة سائلًا من الله أن يعم الأمن والسلام بلدينا، وأن تشهد العلاقات بين أوكرانيا ومصر مزيدًا من التقدم والنمو عبر تكثيف الحوار السياسي الرفيع المستوى وتبادل الوفود الحكومية ورجال الأعمال.

وبالنسبة لدعوة الرئيس السيسي لإحلال السلام في أوكرانيا، نحن نقدرها ونؤيدها، ونحن نثمّن دور مصر المحوري في نشاطات مجموعة الاتصال العربية التي تنشط تحت مظلة الجامعة العربية، ونأمل بأن تفضي مساعي وجهود تلك المجموعة إلى خفض التوتر القائم وصولًا إلى وقف الحرب، ونأمل أن تظل مصر داعمة لوحدة الأراضي الأوكرانية وسيادتها، ونحن على يقين من أن القيادة والشعب المصريين يفهمون موقف أوكرانيا المبدئي حول استحالة القبول بأي مقايضة أو مساومة على وحدة ترابها وحرمة أراضيها، لكن للأسف الطرف الآخر لم يبد مواقف إيجابية.

ما مستقبل العلاقات المصرية الأوكرانية؟

العلاقات مع مصر مهمة للغاية، وذلك انطلاقًا من عمقها وتاريخها المتجذر، علمًا بأن أوكرانيا تجمعها بمصر صداقة تاريخية واحترام متبادل وأواصر حميمة بين الشعبين الأوكراني والمصري، فضلًا عن التجارة والتعاون الاقتصادي المتميز باعتبار مصر قبلة سياحية بالنسبة للسياح الأوكرانيين، وكذلك نظرًا لكون السوق المصرية أحد أهم أسواق أوكرانيا الخارجية فيما يخص تصدير القمح والخامات المعدنية وغيرها من المواد الأولية.