ارتفع عدد البريطانيين الذين يتنازلون عن جنسيتهم منذ إجراء الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، وذلك حسب ما كشفت إحصاءات جديدة أوردتها صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، اليوم الأحد.
وتظهر البيانات أن 868 شخصًا تقدموا بطلبات لتسليم جوازات سفرهم البريطانية فى عام 2021، ما يمثل ارتفاعًا بنسبة 30% عن عام 2020، و6 أضعاف ما كان عليه العدد قبل عقد، عندما كان يفعل ذلك نحو 140 شخصًا فقط سنويًا.
وذكرت " الإندبندنت" أن العدد الإجمالى للذين تقدموا بطلبات للتخلي عن جنسيتهم البريطانية خلال الفترة بين عامي 2011 و2021 هو 6 آلاف و507 أشخاص.
وتتابين أسباب التنازل عن الجنسية من شخص لآخر، وفقًا للخبيرة القانونية مريم أحمد، رئيسة قسم الهجرة بشركة للمحاماة في لندن، التي قالت إن هذا الأمر يعتمد على تفضيلات وظروف كل شخص. وأوضحت أن السبب الأكثر شيوعًا، هو رغبة شخص ما في الحصول على جنسية بلد آخر تقيد أو تحظر الجنسية المزدوجة، خلافًا للنظام في المملكة المتحدة.
وأشارت إلى أن أحد العملاء السابقين اضطر إلى التخلي عن جنسيته البريطانية، للحصول على الجنسية الصينية، اللازمة ليكون مؤهلًا للعب مع فريق كرة قدم هناك. كما تخلى عميل آخر عن جواز سفره البريطاني حتى يصبح مواطنًا سنغافوريًا، وهو أمر ضروري للحصول على حقوق معينة في ذلك البلد مثل شراء العقارات.
وتشير" الإندبندنت" إلى أن رغم القيود المفروضة على الجنسية المزدوجة، تعد مشكلة قائمة منذ فترة طويلة، فقد أدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى تعقيدات جديدة لبعض البريطانيين الذين يعيشون في الاتحاد الأوروبي.
ولفتت الصحيفة إلى زيادة في أعداد البريطانيين المتقدمين للحصول على جوازات سفر غير بريطانية، بعد "بريكست" من أجل التمتع بحقوق جنسية الاتحاد الأوروبي، وهذا يشمل دولًا مثل فرنسا وبلجيكا وإيرلندا.
وبالنسبة لبلدان أخرى، مثل إسبانيا أو هولندا، لا يسمح بالجنسية المزدوجة مع جنسية المملكة المتحدة في معظم الحالات. ومنذ نهاية عام 2020، بدأ سريان قيود مشابهة على الأشخاص الذين يسعون للحصول على الجنسية الألمانية.
والمواطنون البريطانيون الذين يعيشون في تلك البلدان يمكن أن يواجهوا خيارًا صعبًا، كما توضح الأستاذة الجامعية "ميكايلا بنسون"، خبيرة المواطنة في جامعة "لانكستر"، التي تبحث وضع الرعايا البريطانيين في الاتحاد الأوروبي منذ استفتاء "بريكست".
ووفقًا للصحيفة، سمحت أنظمة مختلفة في تلك البلدان للبريطانيين بالحصول على تصاريح إقامة بعد "بريكست"، ولكن من أجل الحصول على الحقوق الكاملة، بما في ذلك التصويت في الانتخابات، ربما يعنى ذلك التخلي عن جواز سفرهم البريطاني من أجل التجنس.
وقالت "بنسون" إن هذا الأمر ينطبق بشكل خاص على الأشخاص في سن العمل "الذين يريدون أن يجعلوا أنفسهم أكثر قدرة على المنافسة في سوق العمل الأوروبية"، مشيرة إلى أن امتلاك جواز سفر من الاتحاد الأوروبي، وحرية الحركة التي ينطوي عليها أمران ضروريان.
وأوضحت"بنسون" قائلة: "ما يعنيه هذا أنه إذا أراد الأشخاص حقوق المواطنة الكاملة في البلدان التي يعيشون فيها، ربما يتعين عليهم الحصول على جنسية ذلك البلد، والتخلي عن جنسيتهم البريطانية".
وتابعت: "إسبانيا بلد مثير للاهتمام، لأنها ربما تضم أكبر عدد من المواطنين البريطانيين في الاتحاد الأوروبي. وهذا الأمر كانت تجري الإشارة إليه طوال فترة المفاوضات من قِبل البريطانيين الذين يعيشون هناك، وأنهم لم يكونوا مثل مواطنيهم في فرنسا، ولم يكونوا في وضع يسمح لهم بالحصول على الجنسية الإسبانية مع الاحتفاظ بالجنسية البريطانية".
ولفتت "الإندبندنت" إلى أن التخلي عن جواز السفر البريطاني يعني التنازل عن الحق في العودة بحرية إلى المملكة المتحدة، والحاجة إلى تأشيرة للبقاء في البلاد، وفقدان الحق في التصويت.
وردًا على سؤال بشأن هذه الزيادة، قال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية، إن غالبية الأشخاص الذين يختارون التخلي عن جنسيتهم البريطانية، يفعلون ذلك للحصول على، أو الاحتفاظ، بجنسية دولة أخرى، بخلاف المملكة المتحدة التي لا تسمح بالجنسية المزدوجة. وأضاف أن أي شخص يتخلى عن جنسيته، يمكنه أن يسعى لاستعادتها بموجب قانون الجنسية البريطاني، لكن هذا يخضع لتقدير وزير الداخلية.
ومع مرور ما يزيد على عام بأيام على دخول "بريكست" حيز التنفيذ في الأول من يناير 2021، أفاد استطلاع رأى حديث بأن ثلثي البريطانيين يرغبون في إجراء استفتاء على عودة بلادهم إلى عضوية التكتل، فيما يعتقد أكثر من نصفهم أن خروج بلادهم من التكتل كان قرارًا خاطئًا.
وأظهرت نتائج الاستطلاع الذي أجرته شركة "سافانتا" البريطانية لتحليل البيانات وأبحاث السوق والاستشارات لصالح "الإندبندنت" أخيرًا، بأن الناخبين الذين صوّتوا لصالح الانسحاب يشعرون بخيبة أمل إزاء استعادة السيطرة التي وعدوا بها.
وغادرت المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي رسميا في 31 يناير 2020، لكنها مرت بفترة انتقالية التزمت خلالها باحترام قوانين بروكسل، والبقاء في السوق الموحدة حتى 31 ديسمبر 2020.
ومنذ ذلك الحين يعتقد البريطانيون أن الاقتصاد، ونفوذ المملكة المتحدة على الصعيد العالمي، وقدرتها على مراقبة حدودها قد تدهورت، ويبدو أن هذا ساهم في زيادة أعداد الراغبين في إجراء استفتاء مستقبلي على العضوية، بحسب الاستطلاع.