الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

من قاعات المحاكم إلى الشاشة الصغيرة.. جرائم واقعية تغري صناع الدراما

  • مشاركة :
post-title
مسلسل ساعته وتاريخه

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

استمدت عدة مسلسلات تلفزيونية حاليًا قصصها الدرامية من جرائم حقيقية وقعت في قلب المجتمع، وبعضها أثار الرأي العام، لتنتقل عناوين صفحات الحوادث بالصحف والمواقع الإلكترونية إلى شاشات الدراما التلفزيونية، في إعادة صياغة لهذه الجرائم في قالب تشويقي يجذب الجمهور. 

من خلال تقديم أحداث حقيقية بأسلوب درامي محبوك، تقدم هذه الأعمال فرصة للغوص في أعماق الجرائم، وكأنها تروي "القصة الكاملة" لما يحدث خلف الكواليس، لتكون الإثارة والقانون بطلَي القصة.

هذه الأعمال التي تجمع بين الإثارة والتشويق، نالت اهتمام الجمهور لما تضمه من قصص مثيرة وواقعية، والآن تتوسع هذه الظاهرة لتشمل العديد من الأعمال الدرامية الحديثة التي تستلهم من الواقع وتحوله إلى عمل فني، ولذلك يستعرض موقع " القاهرة الإخبارية" الأعمال الدرامية الجديدة المستمدة من قضايا حقيقية ورأي النقاد فيها. 

"ساعته وتاريخه".. جرائم حقيقية في قالب درامي

من بين الأعمال التي أثارت انتباه الجمهور مؤخرًا المسلسل المصري "ساعته وتاريخه"، الذي يُعرض حاليًا وتتضمن كل حلقة جريمة حقيقية شهدتها المحاكم المصرية.

 يعتمد المسلسل على تقديم قضية حقيقية بتفاصيلها، إذ يسلط الضوء على مواقف قانونية دقيقة، ويتناول مصير الجاني من المحاكمة إلى العقوبة. 

تصدرت الفنانة مايان السيد الحلقة الأولى التي حملت اسم "تلصص"، والتي جسَّدت فيها دور طالبة جامعية تتعرض حياتها للخطر على يد زميلها الذي يرفض رفضها له فيقرر قتلها. كما شهدت الحلقات الأخرى تقديم الفنان أحمد أمين لموضوع جريمة قتل كانت ضحيتها زوجة قتلها زوجها وأخفى جثتها في برميل، قبل أن تكتشف ابنته الجريمة وتبلغ عنها الشرطة، ويواصل المسلسل رحلته الإبداعية في تقديم محتوى جذاب وملهم مستمد من قضايا وملفات حقيقية. 

"القصة الكاملة"

وفي إطار مشابه، جاء مسلسل "القصة الكاملة" الذي يعكف المخرج والمنتج مجدي الهواري على تجهيزه، ليحكي مجموعة من الجرائم الشهيرة التي هزَّت المجتمع المصري، ويعتمد المسلسل على عرض قصص حقيقية تم اقتباسها من حكايات صانع المحتوى سامح سند، الذي يستعرض هذه القصص على منصات السوشيال ميديا.

يتناول المسلسل المكون من 10 حلقات أبرز الجرائم التي أثارت الجدل على مدى سنوات، ويعرض تفاصيل كل جريمة بدءًا من وقوعها حتى نهايتها. 

والمسلسل يعد تجربة جديدة في تناول الجرائم المثيرة، ويتميز بتقديم كل حلقة على حدة بفريق عمل مختلف.

"روج أسود".. قضايا محكمة الأسرة

أحد المسلسلات التي تستند إلى قضايا واقعية هو "روج أسود"، الذي يعرض جرائم حقيقية مستوحاة من محكمة الأسرة المصرية، ويسلط العمل الذي يتألف من 30 حلقة، الضوء على قضايا الزواج والطلاق، وما يترتب عليها من معارك قانونية وأسرية، ويتم عرض القضايا من منظور درامي مثير يعكس أبعادها الإنسانية والاجتماعية لأول مرة في الدراما المصرية.

"سفاح الجيزة".. قاتل متسلسل

من أبرز الأعمال التي استُلهِمت من جرائم حقيقية مسلسل "سفاح الجيزة"، الذي يتناول قصة القاتل المتسلسل قذافي فراج عبد العاطي، المتهم بقتل 4 أشخاص بين عامي 2015 و2017.

مسلسل "سفاح الجيزة"، الذي يعرض تفاصيل الجريمة المروعة التي راح ضحيتها زوجة القاتل وسيدتان ورجل، يلقي الضوء على تفاصيل الجريمة البشعة وكيفية تنفيذها وإخفاء الجثث في مقبرة خاصة أعدها القاتل.

ينتمي المسلسل إلى نوعية الإثارة والغموض، ويجمع بين الأداء المتميز لكل من أحمد فهمي وباسم سمرة وركين سعد، وهو من إخراج هادي الباجوري، وتأليف محمد صلاح العزب، وهو من كتابة إنجي أبو السعود وعماد مطر.

طارق الشناوي: الواقع مصدر لا ينضب للإبداع الدرامي

من جهته، أكد الناقد الفني المصري طارق الشناوي أنَّ الواقع يعد أحد أهم مصادر الإبداع الدرامي في العالم بأسره، موضحًا أنَّ الأحداث الواقعية لطالما ألهمت الكتّاب والمبدعين لتقديم رؤى فنية مميزة.

وأشار "الشناوي"، في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية"، إلى أن هناك فارقًا جوهريًا بين الحالة الواقعية والحالة الدرامية التي يتم تقديمها للجمهور، فيما لفت إلى أنَّ التاريخ مليء بالقصص والحكايات التي يمكن استلهامها لتقديم أعمال درامية متميزة، مستشهدًا بعدد من الأمثلة البارزة مثل شخصية السفاح التي تم تناولها مؤخرًا في الأعمال الفنية، وكذلك قصة الكاتب الكبير نجيب محفوظ الذي استلهم واقعة حقيقية لتحويلها إلى رواية تناولت قضية السفاح، والتي بدورها تحولت إلى أكثر من فيلم سينمائي.

وأضاف "الشناوي" أنَّ الأعمال الدرامية المستلهمة من الواقع ليست بالأمر الجديد، بل ظاهرة طبيعية تظهر عبر العصور، واستشهد بقصة "ريا وسكينة" التي وقعت أحداثها في منطقة الحضرة بالإسكندرية منذ أكثر من قرن، حيث تحولت تلك القصة إلى أفلام ومسرحيات خلدت الواقعة.

وأكد الشناوي أنَّ المبدع -سواءً كان كاتبًا روائيًا أو دراميًا- يلعب دورًا رئيسيًا في إعادة صياغة الحدث الواقعي من خلال رؤية فنية إبداعية، موضحًا أن هذه الصياغة تختلف من شخص لآخر وفقًا لطريقة المعالجة وأسلوب السرد، فلا يقتصر الأمر على تقديم الحدث فقط، بل يتم من خلاله توصيل رسائل أعمق ومضامين ذات قيمة للجمهور.

وختم الشناوي حديثه بالتأكيد على أن الواقع سيظل مصدرًا رئيسيًا للإبداع الفني، إلا أن الصياغة الدرامية والفنية هي التي تضفي على العمل قيمته وجاذبيته، وتجعله قادرًا على البقاء في ذاكرة المشاهدين عبر الزمن.

ماجدة موريس: يجب منح القضايا وقتًا أكبر للعرض دراميًا

وقالت الناقدة الفنية المصرية ماجدة موريس إنَّ تحويل قضايا المحاكم إلى أعمال درامية، تجذب صناع الدراما والجمهور على حد سواء، لكنها طالبت في الوقت ذاته بضرورة معالجة هذه القضايا بشكل أعمق ومنحها الوقت اللازم للتفصيل.

وأكدت "موريس"، في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية"، أنَّ هذه القضايا تحمل في طياتها العديد من الحكايات الإنسانية المثيرة التي يستمتع الجمهور بالتفاعل معها، فالأحداث الواقعية التي تتضمن جرائم أو مشكلات اجتماعية تثير فضول المتابعين، كما يمكن للفن أن يعكس الواقع بشكل يجعل المشاهد يشعر أنه أمام قصة حقيقية من الحياة، مشيرة إلى أن الدراما تلعب دورًا مهمًا في تقديم الواقع من خلال أفكار وفن يحرك مشاعر الجمهور.

ورغم إيمانها بالقوة الفنية التي تحملها القصص الحقيقية، ترى "موريس" أنه يجب على صناع الدراما منح هذه القصص الوقت الكافي للعرض والتفصيل، وأوضحت أنه في حال تم تقديم هذه القصص في حلقات قصيرة أو تم تقليص المساحة الزمنية المخصصة لها، قد يؤدي إلى تشويه القصة الحقيقية وعدم توضيح أبعادها بالشكل الصحيح. 

وقالت موريس: "الحلقة الواحدة لا تكفي لاستعراض كل التفاصيل الدقيقة والإنسانية في القضايا الحقيقية، وهناك العديد من الزوايا التي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها"، مؤكدة أنَّ الإصرار على تقديم القصة بشكل مكثف قد يضيع قيمتها الحقيقية.

وأكدت أن الأعمال الدرامية التي تستند إلى الواقع، وبخاصة تلك التي تعكس قضايا حقيقية وقعت في المجتمع، بمثابة نافذة للمتابعين للاطلاع على أبعاد القضايا المعقدة، لكن ومع هذه الأهمية، تظل معالجة القصة في شكل كامل ومعاملة التفاصيل بجدية من أبرز التحديات التي يجب على صناع الدراما مراعاتها.