بين الموت والدمار والمجاعة والإبادة، يواجه آلاف الفلسطينيين في مدينة بيت لاهيا المحاصرة منذ أشهر، قصفًا متواصلًا وحصارًا شديدًا من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وأصبح المشهد الحالي ينحصر في الجثث المنتشرة في الشوارع وأخرى متحللة، بجانب أكوام الأنقاض التي تسد الطرقات وتصعب الحياة على المتبقين.
وتخضع المدينة الواقعة في أقصى شمال قطاع غزة لحصار طويل، بحسب مجلة "972"، وقصف متواصل منذ السابع من أكتوبر، حيث تعرضت لتدمير واسع النطاق للمباني والبنية التحتية، في محاولة لإجبار السكان المتبقين على المغادرة.
المجاعة الحقيقية
وأكد السكان الذين ما زالوا متواجدين هناك أن الحصار تسبب في اختفاء الطعام والماء، ويواجهون المجاعة الحقيقية منذ أسابيع، مشيرين إلى أن ذلك يعد إبادة جماعية ضد السكان والنازحين الذين لجأوا إلى المكان هربًا من الشمال.
واتهمت الجنائية الدولية، نتنياهو وجالانت، بارتكاب جرائم حرب في غزة، والإشراف على هجمات ضد المدنيين، واستخدام التجويع كسلاح ضد الفلسطينيين، منذ الضربات الأولى في 7 أكتوبر، حيث نفذ جيش الاحتلال سلسلة هجمات دموية "جوية وبرية" على القطاع.
مشاهد الجثث
ولفت السكان إلى أن المشهد الطبيعي في المدينة هو مشاهدة الجثث ملقاة على الأرض أينما ذهبت، بعضها متحلل تقريبًا، والبعض الآخر دهسته مدرعات الإبادة، مشددين على أنهم محاصرون من كل الجهات والفلسطينيون المتبقون لا يعرفون إلى أين يتجهون.
وفي محاولة لإفراغ المنطقة من الفلسطينيين، يشن الجيش هجومًا جويًا وبريًا مكثفًا، ووفقا للمجلة استشهد عدة مئات من الفلسطينيين نتيجة للهجمات الأخيرة على المدينة بما في ذلك ما لا يقل عن 143 غارة جوية على مبنيين فقط، وكان ما يقرب من ثلث الضحايا من الأطفال.
مقابر بالجملة
وكشف السكان عن أن عمال الإنقاذ التابعون للدفاع المدني يعتبرون بيت لاهيا منطقة كوارث، وشهدت تعرض مستشفيي المدينة كمال عدوان والإندونيسي، للهجوم مرارًا وتكرارًا، حتى إن العدد الكبير من الضحايا أجبر المواطنين على تحويل جزء مما كان في السابق منطقة السوق المزدحمة إلى مقبرة.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما بين 65 ألفًا و75 ألفًا من سكان غزة ما زالوا يعيشون في المدن المحاصرة بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، وقال المتحدث باسم الدفاع المدني إن إسرائيل تسقط صواريخ ضخمة على المباني السكنية دون سابق إنذار.
تدمير المباني
وشدد على أن طاقمه يعمل في ظروف صعبة للغاية؛ بسبب استهداف إسرائيل لفرقهم ولا يمتلكون معدات، ويقومون بالبحث عن المحاصرين وانتشال الضحايا من تحت الأنقاض باستخدام طرق بدائية.
أما مباني المدينة فكشفت المجلة عن أن المئات منها -والتي لم تُسوَّ بالكامل بالأرض بسبب الغارات الجوية والقصف وضربات الطائرات بدون طيار والجرافات- تعرضت لأضرار جسيمة ناجمة عن الشظايا، مما جعلها غير صالحة للسكن تقريبًا.
نكبة القرن
كان من بين هؤلاء السكان شكري البودي، صاحب الـ 51 عامًا، من حي الشيماء في بيت لاهيا، الذي وصف الوضع في المدينة بـ"نكبة القرن الحادي والعشرين"، مشيرًا إلى أن الاحتلال يهدم المباني، والسكان محاصرون بلا طعام وخائفون من القذائف ناهيك عن طائرات الاستطلاع التي تحلق باستمرار على ارتفاعات منخفضة.
كل ذلك بجانب الطائرات بدون طيار التي تفتح النار على مجموعات من المدنيين لإجبارهم على مغادرة المدينة، والذين يعانون في الأساس من الاكتظاظ الشديد، وانتشر الناس على الأرصفة والشوارع، دون أدنى وسائل للبقاء على قيد الحياة في الطقس البارد.