بينما يشكّل دخول كوريا الشمالية في الحرب الروسية الأوكرانية تصعيدًا كبيرًا في الصراع قد يراه البعض لصالح موسكو. لكن في الواقع، قد ينطوي الأمر على متاعب أكبر مما يستحق.
ففي الواقع، قلة خبرة الجنود الكوريين الشماليين، فضلًا عن الحاجز اللغوي بينهم وبين نظرائهم الروس، من المرجح أن يقللا من تأثيرهم على ساحة المعركة، كما قال محللون عسكريون أمريكيون.
كانت وزارة الخارجية الأمريكية أشارت اليوم الثلاثاء، إلى أن معظم الجنود الكوريين الشماليين الذين أرسلوا إلى روسيا -البالغ عددهم أكثر من عشرة آلاف جندي- بدأوا القتال في منطقة "كورسك" الروسية حيث شنّت القوات الأوكرانية هجوما في أغسطس الماضي.
وهذا الأسبوع أيضًا، قالت هيئة الاستخبارات الوطنية في كوريا الجنوبية إن الجنود الكوريين الشماليين المنتشرين في روسيا بدأوا في المشاركة في القتال.
ولم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجود قوات كورية شمالية في بلاده عندما سألته شبكة NBC News الأمريكية الشهر الماضي، في حين لم تؤكد كوريا الشمالية ذلك، لكنها قالت إنه سيكون متوافقًا مع القانون الدولي.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن التعاون بين كوريا الشمالية وروسيا كان القضية "التي تمت معالجتها بعمق" في اجتماع عقد يوم الجمعة بين الرئيس جو بايدن وزعيمي اثنين من الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة المعرضين للخطر من بيونج يانج، الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول ورئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا.
ونقل تقرير لشبكة NBC News عن المسؤول، عن الاجتماع الذي عقد على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في ليما عاصمة بيرو: "كان هناك تقارب هائل بشأن مدى زعزعة الاستقرار الذي تسببه هذه العلاقة المتنامية بين موسكو وبيونج يانج في المنطقة".
رفقة مفقودة
يقول محللون أمريكيون إن القوات الكورية الشمالية، وبعضها جزء من قوة العمليات الخاصة لبيونج يانج -حسب كوريا الجنوبية- يمكن استخدامها لتشكيل وحدات قتالية أو تشغيل المدفعية، ولكن من غير المرجح أن يحدثوا أي فرق ملموس على الخطوط الأمامية.
ورغم أن كوريا الشمالية تمتلك رابع أكبر جيش في العالم، فإن الانتشار في "كورسك" هو أول معركة كبرى يشهدها جنودها منذ الحرب الكورية في الفترة من 1950 إلى 1953.
وبينما قد تعطي القوات الكورية الشمالية دفعة للقوات الروسية في محاولتها استعادة السيطرة على كورسك، وهي أول أرض روسية يحتلها جيش أجنبي منذ الحرب العالمية الثانية، يشير سيدني سيلر، ضابط الاستخبارات الوطنية الأمريكي السابق، إلى أن قلة الخبرة وحاجز اللغة عاملان شديدا الإزعاج على أرض الواقع.
يقول سيلر، الذي كان مسؤولًا عن شؤون كوريا الشمالية من عام 2020 إلى عام 2023: "الجندي الروسي العادي سوف يقول: ماذا يفعلون هنا (الكوريون الشماليون)؟ أنا مضطر إلى الإمساك بأيديهم. أنا أتعثر بأجسادهم".
وأضاف رجل الاستخبارات السابق، الذي يشغل الآن منصب رئيس كوريا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "كل جندي كوري شمالي يستطيع حفر مرحاض، أو حراسة تقاطع، أو الاستيلاء على مبنى، فهو يسمح لجندي روسي آخر بالذهاب إلى الخطوط الأمامية".
بيئة جديدة
يشير تقرير الشبكة الأمريكية إلى أن الأراضي الروسية "بيئة جديدة تمامًا للجنود الكوريين الشماليين، الذين يعيشون في واحدة من أكثر الدول عزلة في العالم". لذا، هناك خطر انشقاق الجنود الكوريين الشماليين أو أسرهم، وهو ما قد يشكّل إحراجًا للزعيمين الروسي والكوري الشمالي.
وتجلى إحباط الروس الشهر الماضي فيما زعمت المخابرات العسكرية الأوكرانية أنها رسائل صوتية تم اعتراضها بين أعضاء وحدة روسية في كورسك.
وفي الرسائل المزعومة، يبدو أن الجنود الروس يشكون من نظرائهم الكوريين الشماليين، الذين يشار إليهم باسم "كتيبة K"، حيث قال أحد الجنود إنه "لا يعرف ماذا يفعل بهم".
وبهذه المزاعم وغيرها، يتجلى حاجز اللغة باعتباره "عقبة كبيرة"، كما قال جون هاردي، نائب مدير برنامج روسيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن.
وأضاف أن صعوبات التواصل بين الجنود الروس والكوريين الشماليين "ستؤدي إلى تعقيد القيادة والسيطرة، خاصة إذا حاولت روسيا دمج الكوريين الشماليين في المستويات الأدنى".
لكن التواصل ليس القضية الوحيدة التي قد تمنع القوات الروسية والكورية الشمالية من القتال معًا بشكل فعال، حيث أن قلة خبرة الجنود الكوريين الشماليين قد تكون نقطة احتكاك أخرى وعاملا رئيسيا في كيفية نشرهم.
وكما أوضح هاردي، فإنه "من المرجح أن تكون القوات الكورية الشمالية قد تعرضت بشكل محدود لبعض القدرات والتكتيكات والتقنيات والإجراءات التي تطورت أثناء الحرب في أوكرانيا. وسوف يكون هناك الكثير من التعلم أثناء العمل".