كشفت صحيفة "لا إكسبريس" الفرنسية عن تفاصيل مثيرة تتعلق بالتحديات التي تواجه رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، والمخاوف المتصاعدة بشأن رؤية الرئيس إيمانويل ماكرون للوضع المالي للبلاد.
وفي خضم هذه الاضطرابات السياسية غير المسبوقة، تبرز مخاوف جدية حول قدرة النظام السياسي الفرنسي على تجاوز هذه المرحلة الحرجة.
مشهد سياسي متقلب
وقالت صحيفة "لا إكسبريس" إن الولاية الرئاسية الثانية لماكرون تشهد اضطرابات عميقة تعكس حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد، فبعد سقوط حكومة جابرييل أتال، وما تلاها من انتخابات أوروبية، اتخذ ماكرون قرارًا مفاجئًا بالدعوة لانتخابات تشريعية جديدة، ما أسفر عن نتائج أدت إلى تعيين ميشيل بارنييه رئيسًا للوزراء في ظل ظروف سياسية معقدة ومشهد برلماني منقسم.
وأشارت "لا إكسبريس" إلى تحديات متعددة تواجه بارنييه في إدارة ائتلافه الهشّ، فمن جهة، يجد نفسه مضطرًا للتعامل مع ضغوط متزايدة من رئيسي الكتلتين لوران فوكيز وجابرييل أتال، ومن جهة أخرى، يواجه معضلة التوفيق بين مطالب متناقضة داخل ائتلافه الحكومي.
وتنقل الصحيفة عن وزير في الحكومة الحالية قوله إنّ "الجميع يترقب نجاح هذه التجربة"، في إشارة إلى حساسية المرحلة وأهمية نجاح الحكومة في مهمتها.
توتر خفي
وفي كشف مثير للاهتمام، سلطت "لا إكسبريس" الضوء على توتر خفي في العلاقة بين ماكرون ورئيس وزرائه، خاصة في ما يتعلق بالوضع المالي للبلاد.
فرغم حرص بارنييه على إظهار احترامه العلني للرئيس والإشادة بإنجازاته في مجال تعزيز الجاذبية الاقتصادية لفرنسا، إلا أنه عبّر في دوائره الضيقة عن قلق عميق بشأن مدى إدراك ماكرون لخطورة الوضع المالي للبلاد.
وقالت الصحيفة إن هذه المخاوف تعززت بعد تلقي بارنييه رسالة تحذيرية من محافظ البنك المركزي الفرنسي فور توليه منصبه في ماتينيون.
ويبدو أن هذه الرسالة أثارت قلقًا عميقًا لدى رئيس الوزراء، الذي يرى أن التحديات المالية التي تواجه فرنسا تتطلب إجراءات عاجلة وحاسمة قد لا يكون ماكرون متحمسًا لها بالقدر الكافي.
تحولات عميقة
وفي سياق متصل، كشف تقرير "لا إكسبريس" عن تحولات عميقة في المشهد السياسي الفرنسي تمتد تأثيراتها إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2027، فعلى الجانب اليميني، يواجه جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني البالغ من العمر 29 عامًا، انتقادات حادة بسبب افتقار فريقه للخبرة والنضج السياسي.
ونقلت الصحيفة عن مقربين من مارين لوبان انتقادات لاذعة لفريق بارديلا، واصفين إياه بأنه "شبابي للغاية" ويفتقر إلى الشخصيات ذات الخبرة والمكانة المرموقة.
أما على الجانب اليساري، فيبدو المشهد أكثر تعقيدًا مع اقتراب موعد المؤتمر الحاسم للحزب الاشتراكي مطلع عام 2025.
وكشفت "لا إكسبريس" عن قلق عميق في صفوف حركة فرنسا الأبية من تداعيات هذا المؤتمر، خاصة في ظل تصريحات الرئيس السابق فرانسوا هولاند الداعية إلى تجديد قيادة الحزب الاشتراكي.
ويخشى قادة اليسار المتشدد من أن يؤدي أي تغيير في قيادة الحزب الاشتراكي إلى إضعاف التحالف اليساري وتقويض فرصهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
نهج حذر
وحول استراتيجية بارنييه في التعامل مع قضية التمثيل النسبي، قالت الصحيفة إنه يتبنى نهجًا حذرًا في التعامل مع هذا الملف الشائك، ونقلت وعن مصدر مقرب من رئيس الوزراء تحذيره من أنّ "نوابًا من اليمين الجمهوري قد يصلون إلى حد التصويت بحجب الثقة" بسبب هذه القضية، ما دفع بارنييه إلى تبني استراتيجية "كسب الوقت" من خلال جدول زمني ممتد للتعامل مع هذا الملف.
واختتمت الصحيفة تقريرها برؤية استشرافية للمشهد السياسي الفرنسي، إذ تنقل عن مصادر حكومية توقعات بهدوء نسبي في المرحلة المقبلة مدفوعًا باعتبارات براجماتية.
وأكدت المصادر أن حساسية المرحلة وخطورة التحديات التي تواجه فرنسا تفرض على مختلف الأطراف السياسية درجة من التعاون والتوافق، رغم الخلافات العميقة بينها.