قال الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة المصري، إن التحرك المصري في منطقة القرن الإفريقي، يأتي ضمن تصور واضح وشامل للدولة والقيادة المصرية في القارة الإفريقية والمُساهمة والمساعدة على تطوير عملية التنمية الإفريقية، مُشيرًا إلى أن التحرك المصري الأخير في القرن الإفريقي، يأتي في إطار السياسة المصرية الممنهجة، قائلًا: "نري إفريقيا إحدى الدوائر الحيوية للسياسة الخارجية المصرية في نفس أهمية الدائرة العربية".
وعن سؤاله حول طبيعة الحركة المصرية في منطقة القرن الإفريقي،أضاف وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى إريتريا كانت بالتأكيد زيارة تاريخية، وهي أول زيارة لرئيس مصري إلى إريتريا منذ استقلالها عام 1993، موضحًا: "كانت زيارة الرئيس السيسي ممتدة إلى العاصمة أسمرا نفسها، وكان هناك استقبال شعبي ورسمي كبيرين، والحفاوة البالغة من الشعب الإريتري والرئيس الإريتري أسياس أفورقي، كانت لا تخطئها العين".
وتابع وزير الخارجية المصري: "كان هناك حديث مطول بين القيادتين حول عملية مسألة الاستقرار في القرن الإفريقي وفى القارة الإفريقية وعملية تحقيق الأمن في هذه المنطقة، وكيفية دعم الصومال في أن يحافظ على سيادته ووحدة أراضيه، وكان هناك حديث عن السودان وأهمية وقف إطلاق النار، ووقف الحرب المدمرة للسودان والشعب السوداني".
وأكمل وزير الخارجية والهجرة المصري: "بالإضافة إلى القمة التي صدر عنها بيان كاشف وهام جدًا يضع هذه العلاقات في مستوى آخر بعد الزيارة الثنائية واتفاق بين الرئيسين حول مزيد من تعميق وتطوير العلاقات على المستوى الاستراتيجي"، قائلًا "إن إريتريا دولة محورية ورئيسية في منطقة القرن الإفريقي مثلها مثل الصومال وجيبوتي، مُشيرًا إلى أن مصر حريصة على تعزيز علاقتها مع هذه الدول الشقيقة، وهذا التعاون والتطوير ليس على الإطلاق موجهًا ضد أحد ولا نتآمر على أحد، نتحرك في إطار سياسة رشيدة عاقلة هدفها تحقيق التنمية لدى أشقائنا الأفارقة وأيضًا تعزيز العلاقات مع هذه الدول الإفريقية".
وتابع وزير الخارجية المصري: "خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لإريتريا كانت هناك قمة ثلاثية لأول مرة، جمعت الرئيس السيسي مع الرئيس أفورقي مع الرئيس حسن شيخ محمود، وصدر بيان ثلاثي قوي يتعلق بدعم العلاقات مع الصومال ومساعدة الصومال والحكومة الصومالية على بسط سيادتها داخل الأراضي الصومالية، خاصة فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، وهذه مسؤولية ملقاة على عاتقنا، طبقًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وميثاق الاتحاد الإفريقي"، موضحًا أن هناك ترحيبًا من مجلس السلم والأمن الإفريقي بالمشاركة المصرية في البعثة الجديدة التي سيتم إيفادها إلى الصومال والتي ستحل محل البعثة الحالية.
وأشار إلى أن البيان الثلاثي كان واضحًا في الترحيب بالمشاركة المصرية في هذه البعثة التابعة للاتحاد الإفريقي، وأيضًا البيان الثنائي الذي صدر عن لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الدكتور حسن شيخ محمود، كان واضحًا ورد على المزاعم والأكاذيب التي رددها أحد الأطراف، حينما ادعى أنه ليس هناك ترحيب أو طلب من الحكومة الشرعية.
كما أشار إلى أن البيان الختامي كان واضحًا تمامًا، يتحدث عن ترحيب الحكومة الصومالية ورغبتها في التواجد المصري والمساهمة المصرية من جانب القوات المسلحة المصرية في بعثة الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام، مؤكدًا أن أي تواجد مصري سيكون في إطار هذه البعثة التي تحظى بترحيب الحكومة الصومالية وترحيب من الاتحاد الإفريقي، ومجلس السلم والأمن الإفريقي؛ الذي أصدر بالفعل بيانًا واضحًا يؤكد على الترحيب بالمساهمة المصرية، وقبل أن تبدأ هذه البعثة في عملها لابد أن تكون لها ولاية واضحة ويتم اعتمادها من مجلس الأمن الدولي، وهناك تحرك ممنهج في إطار القانون الدولي والشرعية الدولية.
السد الإثيوبي
وذكر وزير الخارجية المصري، أن مصر ليس لديها أي مشكلة مع أي من دول حوض النيل، باستثناء دولة واحدة "هي إثيوبيا"، التي ترفض التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن تشغيل وملء سد النهضة، وهذا النهج الإثيوبي الأُحادي مرفوض تمامًا، مُشيرًا إلى أن المزاعم الإثيوبية بأن لديها السيادة الكاملة على النيل الأزرق، هذا أمر مرفوض تمامًا ويتناقض تمامًا مع القانون الدولي، كما أوضح أن هناك اتفاقيات تاريخية، والقانون الدولي يؤكد على قاعدة التوارث الدولي للمعاهدات، ولا يمكن التحلل منها على الإطلاق، خاصة أن إثيوبيا نفسها وقت التوقيع على بعض هذه الاتفاقيات كانت دولة مستقلة ولم تكن مُحتلة.
ملف النيل
وشدد "عبدالعاطي" على أن مصر دولة كبيرة وعظيمة ولديها مؤسسات راسخة ورؤية ثاقبة، وبالتالي لا يُمكن تحت أي ظرف من الظروف أو وقت أن يكون هناك تشكك في أن مصر يُمكن أن تقبل أن يتم الخصم من حصتها المائية السنوية، منوهًا: "حصتنا السنوية لا تكفينا، يادوب بتكفي 60% من احتياجاتنا السنوية" وأن أي ضرر أو أي مساس بهذه الحصة أمر لا يمكن القبول به تحت أي ظرف من الظروف، وسبق أن أعلنا أن مصر تحتفظ بحقها للدفاع عن مصالحها المائية، طبقًا لما يكفله لنا القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة إذا حدث أي ضرر، بالتالي الأمر واضح تمامًا.
مصر مع التنمية
قال وزير الخارجية المصري، إن مصر تتحرك بقوة ليس فقط في القرن الإفريقي، ولكن أيضًا في حوض النيل الجنوبي، وهناك مبادرات مصرية قوية لإعادة التأكيد على أن مصر ليست ضد الحق المشروع لدول حوض النيل في التنمية بما في ذلك إقامة السدود.
وأضاف "عبدالعاطي" لـ"القاهرة الإخبارية"، أن هناك إحدى الدول التي تحاول الترويج لسردية كاذبة بأن مصر تعرقل مشروعات التنمية، و"هذا كذب"، إذ إن مصر مع التنمية وتنفيذ مشروعات مائية على حوض النيل، بل إن مصر قامت مؤخرًا، من خلال مجلس الوزراء المصري، بإقرار تدشين آلية جديدة، هدفها الأساسي الاستثمار بأموال مصرية والمانحين الدوليين، هدفها فقط تنفيذ مشروعات مائية على النيل الأبيض؛ لأنها لا تحقق ضررًا.
وتابع: "ما تروج له إحدى الدول كذبًا بأننا ضد مشروعات التنمية، هذا غير صحيح، نحن ندعم التنمية والمشروعات المائية طالما أنها توافقية ولا تسبب الضرر لدولتي المصب مصر والسودان".
الحرب في السودان
وذكر أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تعمل بكل جدية وإخلاص؛ لوقف الحرب الدائرة في السودان وتجنيب الشعب السوداني مخاطر التقسيم ومخاطر وويلات هذه الحرب المُشتعلة، مُشيرًا إلى أن مصر من أوائل الدول التي استضافت كل القوى السياسية والمدنية بلا استثناء في اجتماع واحد، مُتابعًا: "إن هذا الاجتماع كان مهمًا ومصر لم تحضر معهم، إذ مصر مُضيفة ومنظمة فقط للاجتماع ووفرت لهم كل سُبل الراحة حتى يتدارسوا، وخرجت وثيقة شديدة الأهمية توقفت عند 3 أمور؛ الوقف الفوري لإطلاق النار والنفاذ الكامل للمساعدات وإقامة نظام سياسي ديمقراطي شامل لا يستبعد أحدًا".